تشريعات تحفز التهرب الضريبي

يجمع مسؤولون ومعنيون بقطاع نقل الركاب العام ان واحدة من اكبر معيقات تطور القطاع وتحسين خدماته هي الملكية الفردية لوسائط نقل الركاب، وان معالجة الاوضاع المتردية لهذا القطاع تبدأ بوقف الشرذمة الراهنة في القطاع، ومع ذلك نجد قانون نقل الركاب والنظام المنبثق عنه يحابي شركات نقل الركاب الفردية والتضامنية والتوصية البسيطة، ويعاقب الشركات المساهمة العامة التي تقدم خدمات افضل للركاب، فهذه الشركات تحرص على تطبيق نظام التتبع الالكتروني لحافلاتها لمنع السائقين من تجاوز السرعات المحددة على الطرقات، وتركب كاميرات داخل حافلاتها لتعزز الامن ومتابعة حافلاتها على مدار الساعة.
هذه المقدمة ضرورية ونحن نناقش قانون نقل الركاب والنظام المنبثق عنه، فالشركات الفردية والتضامنية والتوصية البسيطة تدفع ضريبة دخل على الحافلة الواحدة سنويا (600) دينار، بينما تدفع الشركات المساهمة العامة ضريبة على الباص الواحد (4000) دينار، علما بأن الحكومة توحد ثمن تذكرة السفر على كافة الباصات العاملة لنفس الخط لكافة الباصات العاملة على الخط والخطوط الاخرى، علما بأن كافة الحافلات تستخدم نفس الوقود ( الديزل )، وكذلك لا يهم عدد الحافلات التي تشغلها اي من الشركات.
وبحسبة بسيطة نجد ان الشركات المساهمة العامة تدفع نحو ( 1:6.67 ) مرة تقريبا بدون اي سبب قانوني او استثماري، وربما العكس صحيح اذ هكذا قانون يشجع الشركات المساهمة العامة ان تؤسس شركات تضامنية او فردية لكل خط نقل وتتهرب قانونيا من الضريبة، لذلك ان من يضع هكذا تشريعات يفترض ان يدرس الابعاد الحالية وتأثيراتها المستقبلية على القطاع الذي يشهد ارباكا واخفاقا كبيرا في تلبية احتياجات المواطنين بكفاءة وسلامة.
الشركات المساهمة العامة ملزمة بمسك دفاتر محاسبية ومدققين قانونيين، اي انها لا تستطيع الافلات من تسديد حقوق الخزينة اما الغالبية العظمى من الشركات الفردية والتضامنية والتوصية البسيطة لا تمسك الدفاتر المحاسبية، وبالكاد تستطيع الخزينة تحصيل ضريبة متواضعة تفرضها المالية على هذه الشركات، وبالتالي المنطق يتطلب ..اولا تحقيق المساواة بين كافة الناقلين بخاصة وان الوزارة تحدد اجور ( اثمان ) نقل الركاب على كافة الخطوط.
المراقب الراصد لواقع القطاع بشركاته المختلفة يجد أن الشركات المساهمة العامة تنفذ برامج لتحديث حافلاتها سنويا، وتزيد اساطيلها لمواكبة الطلب المتزايد على نقل الركاب، وتقوم ببرامج تدريب مستمر لسائقي حافلاتها، ويتمتع العاملون فيها بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وغير ذلك من المزايا، ولديها دور ملموس في المسؤولية الاجتماعية..مرة اخرى المساواة بين المستثمرين في قطاع نقل الركاب امر ضروري حتى لا تتحول بعض التشريعات الى حوافز للتهرب الضريبي.