وعلى الرغم مما حدث ومن المعطيات كافة إلا أن ذلك ينبغي أن يشير إلى كشف العديد من الأسرار والغموض التي رافقت مجمل ما انقضى ؛ فبعد انتهاء وانقضاء الحقبة الراهنة فلا بد من قدوم مراحل أخرى تمهد لحقب متتالية وتاريخ أخر وهكذا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
بعد انتهاء فترة المشاعر والعواطف والأزمات تكون الحقائق ماثلة وواضحة لمن يريد الاستمرار في الحياة واثبات الصمود ؛ لقد مرت الأمم والشعوب في ظروف أصعب وأكثر خطورة مما وقع على كاهلها خلال العشرين سنة الماضية وهي في عمر التاريخ لحظة عابرة تخلف وراءها الأحداث وتصبح حكايات يسردها الناس تباعا ويتحدثون عنها كما تم توثيقها وكتابة أحداثها من قبل المنتصرين.
هيأت الظروف لما حدث ولم تكن لعقلية المؤامرة سوى طوق وحبل يلتف على أعناق من يتقنون استخدام الأعذار للكسل والتقاعس والاسترخاء والاستهلاك والدلال والتفنن في المظاهر والقشور فكانت النتيجة الحتمية الخسارة الفادحة بل العقاب الواقعي والمرير لمن لا يعملون ويستعدون دائما للأفضل ويتبارون استعدادا للأسوأ ومع ذلك لا يستعدون لأي احتمال.
اهتزت المكونات الثقافية والحضارية والقيم أمام المحكات العديدة ودعوات التغيير السطحية والتلاعب بالمشاعر والعواطف والأحاسيس والأخبار والمشاهد والمسلسلات وبذور التفرقة والمتاعب والاغتيالات والتصفيات والحسابات الضيقة ولهذا تراقبنا الأمم الأخرى بعين النقد والترقب وحتى المراهنة على الصمود أطول وأكثر أمام التحديات التي تعصف بنا عبر مغريات الحياة والمكاسب الآنية والوظائف والأدوار خارج حدود المعقول.
الاستعداد للأفضل يكون بالعودة إلى الواقع وعيشه بإتقان وصنع الذات ورفع الأخلاق من جديد ؛ فكم يمكن لمدمن وغائب عن الوعي أن يبني صرح المعرفة والعلم والتقدم الحضاري وكيف لضائع أن يرشد الجميع الى الطريق وكيف يمكن لضال أن يتبع سواء السبيل ؟
نجاح وفشل، بناء وهدم، قوة وضعف، سكون ونمو، تلك هي أجزاء من رواية العصر الذي نعيش ونتيجة مؤجلة لكل ما تهربنا منه مرارا بأعذار مختلفة ومبررات كثيرة، كنا نرحلها إلى المجهول ونخاف ضريبة العلاج حتى كانت الإصابة قد وصلت إلى درجة استحالة العلاج ومن ثم القضاء التام على جسم الأمة والحضارة المعاصرة وباستخدام الأدوية الفتاكة.
ما نحتاجه بحق هو رفع المعنويات أمام الدمار الشامل كونه الإشارة لبداية جديدة وجراحة مفتوحة لقلوبنا التي غلفتها أغشية القسوة والحقد والحسد والغيرة والفتنة وتطهيرها من أمراض العصر وتبعيات التخلف والتلفيق والطغيان والافك والتحايل على عقول البشر.
يجب أن تدفعنا الأحداث للتفاؤل والاستعداد للأفضل فلن يمر أسوأ مما حدث خلال الفترة الماضية وأكثر دمارا مما سبق من العواصف والمحن والمآسي والفتن والمؤامرات والضلال والشر والموت والدمار، علينا التحلي بالصبر والعمل وعدم البكاء في الوقت الضائع.
عقولنا وقلوبنا هي التي يمكن أن تدفعنا إلى الأفضل دوما والى عيش الحياة بصحة تامة وفكر مستنير وعمل مخلص وانجاز يشار له بالبنان ، فهل نصلح عقولنا ونخلصها من الضلال ونفتح قلوبنا ونطهرها من الأحقاد لنعيش مثل سائر الأمم ؟