السير مع الموت .. ( اقتراحات مرورية )
بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم رجـا البــدور.
بمناسبة يوم المرور العالمي وأسبوع المرور العربي, طلب الكثير مني أن أعيد نشر هذا المقال , وخاصة أن بعض المقترحات قد تم الأخذ بها في دوائر الترخيص ( شاكرا جهود عطوفة مدير الأمن العام ومن خلاله جهود جميع منتسبي هذا الجهاز الطيب, لإتمام تنفيذ باقي الاقتراحات لتعم الفوائد المرورية ) راجياً السلامة للجميع .
السير مع الموت .. ( اقتراحات مرورية )
لا يخفى على احد أن بلدنا الحبيب ينافس منذ مدة ليست قصيرة على المراتب الأولى عالمياً في أعداد حوادث السير سنوياً , وما يترتب على ذلك من فقدان بشري ومادي , وطلب مني الأخوة أن أقدم بعض المقترحات علها تسهم في تخفيض نسبة هذا الفاقد والمفقود من ثروات الوطن ، ولما لا, ونحن أبناء هذا البلد وخدمته واجبة على كل مواطن,ولكن هل هناك من يستجيب ؟ ام الكل ينتظر ان ياتي راس الدولة حفظه الله لينتقد او يعطي توجيهات , فترانا ننهض ونبحث عن الحل آنياً أو ما اسميه بهيصة الفزعة , وبعد اخذ ووجدت أن هناك اقتراحين لو طبقا بشكل سليم ومستمر, قطعا ستنخفض أعداد حوادث السير بالمملكة , وما أريد لفت الانتباه إليه, أن مديرية الامن العام ,ممثلة بدائرة السير لم تترك طريقاً إلا ودخلته وهي صاحبة التماس والاختصاص في كيفية وضع الخطط والمعالجات المرورية , هذا الذي تسعى دائرة السير واسطولها البشري والمعداتي لتحقيقه , وكلنا يعلم ويقدر ذلك , وما طرحنا لبعض المقترحات إلا للمساعدة , وما يمليه الواجب الوطني علينا , هذا وبالله التوفيق .
الاقتراحين أرجو أن يدرسا لنعمل على تخفيض نسبة الحوادث التي تأخذ زهرة شباب هذا البلد أو خبراته (وسأقوم بإرسال هذا المقال إلى عطوفة مدير الأمن العام ابراءاً للذمة ) خاصة عندما نعلم انه قد جربت معظم الوسائل الجراحية لإيقاف هذا النزيف المروري ، فقد تم رفع قيمة المخالفة ، ووضع الكاميرات الثابتة والمتحركة منها.. الخ من الأساليب , إلا أنه لم تكن على المستوى المامؤل بالنتائج فما العمل, هل نقول لا نريد حركة سير لنحافظ على حياة المواطنين, هل نزج بالسواقين بالسجون!.
بداية نقول : الأشكال هو النسبة المرتفعة بحوادث السير بالمملكة وهذا واضح لا يخفى.
ما هي الأسباب : أسباب الحوادث كما هو معلوم ( الإنسان ، الآلية ، الطريق(
الآن لو أردنا أن نضع نسب لمشاركة هذه الأسباب في الحوادث ، الإنسان يأخذ النصيب الأكبر ، هنا يجب ان تكون الحلول موجهة بنسبة أكبر إليه , مع مراعاة عدم ترك الحلول والعلاجات الموجهة للأسباب الأخرى, وقبل طرح الاقتراحين لابد هنا من أن أسوق مثالاُ لتقريب صورة ما نود عرضه .
: ما الذي يجعل الشخص الذي يركب الطائرة ، وبعد الاستماع إلى سيمفونية قائد الطائرة , وعند الطلب من المسافرين ربط الأحزمة ترى الكل يتفقد ويبحث عن الحزام ليربط نفسه به ، وعندما تقول دائرة السير للأخوة السواقين الرجاء ربط أحزمة الأمان, تراهم يتحايلون غير ملتزمين وغير جادين ، علماً أنه نفس الشخص الذي كان بالطائرة قبل قليل هو الذي يسوق الآن! لنفرض جدلاً انه لم يجد حزام الأمان بالطائرة لسبب أو لأخر ، سيقوم هذا المسافرباستدعاء طاقم الطائرة كله ، وقد يجعل الطائرة لا تقلع ، يا ألهي ما هذا ، ما هو الدافع للالتزام بالطائرة , وعدمه عند سواقة مركبة أخرى! , إذا استطعنا أن نجيب والجواب متوفر ، نرجوا من المسؤول تطبيق المقترحات محتوى المقال .
الجواب : في الحالة الأولى ( للطائرة ) كان الالتزام 100% لأن الإنسان المسافر كان قد أشبع نفسياً عن الأخطار التي ستحدث له ولغيره من عدم الالتزام بقواعد السلامة اثناء الطيران ، علماً أنه لو لم يضع حزام الأمان بالطائرة عند الإقلاع أو الهبوط ، لن يحدث شي ، ولكنه لا يريد أن يغامر, لما قلت أنفاً أنه أشبع بشكل تام إعلامياً , إشباع يجعله هو الذي يبحث عن هذا الحزام ليربط نفسه به ، الآن لندخل في متن الاقتراحين وبناءاً على ما طرحنا من مثال .
نعلم جميعا أن دوائر الترخيص للمركبات في ربوع البلد, تعمل جاهدة وبتقنيات عالية وبسرعة وهي قد تكون تتنافس على إعداد المعاملات التي أنجزتها كل دائرة هذا الأمر بينهم ، فكلا يريد أثبات الوجود واخذ الإضاءة أمام المسؤول ولا ضير ، ولكن السؤال الملح على إخواننا بدوائر السير والتراخيص, والذي سنبني عليه اقتراحنا الأول هو : هل هذا السائق الذي غاب مدة تصل لـ 3 أعوام او اكثر قد أخذ جرعة مرورية كافية ومانعة من دائرة الترخيص تجعله يتحصن من عدم ارتكابه حادث نتيجة لأسباب هو المسؤول عنها , وهل الاهتمام بالوارد المالي للدائرة أهم من بث الموانع والحواجز النفسية عند السائقين , إذن لماذا يأتي للدائرة ويأخذ الرخصة بزمن يسموه قياسي 5 دقائق / ربع ساعة .., وهل نحن كمسوولين عن أرواح الناس تهمنا السرعة بإنجاز المعاملات , أم المحافظة على حياتهم وممتلكاتهم ، سيقول الجميع لا نريد سرعة مقابل ما يحصل من فقدان أرواح ومقدرات ,حتى لو أخذت معاملة الترخيص أسابيع ، لكن هل ساعدنا نحن كمسوولين على تحقيق ذلك أم العكس ومن حيث لا نشعر!؟.
* نص الاقتراح الأول :
إنشاء دور عرض ( سينما صغيره ، داتاشو.. حسب الكثافة السكانية للمحافظات) في كل دوائر الترخيص بالمملكة تعرض الحوادث الفظيعة بنتائجها وخسائرها البشرية والمادية, مع عرض الإحصاءات الرقمية.., من قبل الضباط المختصين ومن المستحسن إشراك أخصائين في علم النفس في هذه الورشات والتي ستأخذ طابع الحوار بين السائقين وهؤلاء المختصين لمدد زمنية قصيرة ، ولا أراه معجزاً أن ننشي مبنى فيه 100- 200 كرسي ، وتوزيع الشاي أو المرطبات على أخوننا السائقين لبث الراحة والطمأنينة فيما بين رجال الأمن والمواطن ليكن هناك ما يسمى, حسن التلقي , لما سنعرض لهم من مادة فلمية مرعبة تخاطب داخلهم ولنتأكد أنهم بتمام الجاهزية لتلقي جرعة مرورية إعلامية شاملة عن ما حدث ويحدث بالوطن ومن نتاج أيدينا ، أما الأمور الإجرائية والعمليه, وكل هذة المثبطات!, وكيف نريد لهولاء الآلاف من السواقين أن يحضروا فهو ممكن جداً بعد الترتيب ووضع البرامج والمحاضرين وليس بالضرورة الكل بنفس اليوم, ولكن بنهاية المطاف نريد لهذا السائق أن يحضر ويرى بأم عينيه الذي حصل ويحصل من كوارث نحن السائقين اسبابها , ما أقصده أنها من الممكن من الأعمال, ودائرة التوجيه المعنوي بمديرية الأمن العام تلعب دور كبيراً في تحضير المواد والأفلام..الخاصة بهذا المناول وإلا, لا أعرف كيف نسمح لشخص غاب عن الدائرة مدة سنوات يأتي ويذهب بربع ساعة يحمل رخصه موته للسنوات القادمة ، ونطلب منه التقيد بقواعد المرور.
(طبعاً هنا أنا أتكلم عن المواطن والإنسان الشرقي المتمرد والمتحدي بطبعه) يجب أن نبث الوازع النفسي عند السواقين ، ويجب أن ننمي مشاعر الخوف من الحادث عندهم ، يجب أن نكثف التوجيه والإعلام للسائق العمومي لأن الحادث معه يساوي أضعاف حادث لسائق خصوصي, ولا مانع من أن يزور الدائرة كل ثلاثة أشهر مثلاً ليرى غلة المحصول المروري في بلده.
الآن وبعد أن شاهد أخوننا السواقين المادة الفلمية, نأخذهم ليروا على الواقع نتائج الحوادث التي وقعت بالمملكة إي بما معناه:
ساحة يتوفر فيها عدد من المركبات بمختلف الأحجام , محطمة نتيجة الحوادث, ونجعلهم يرون بأم عينهم ونشرح لهم ,أن هذا الحادث باص فيه 22راكب بتاريخ كذا وكان السبب السرعة الزائدة والنتيجة كذا.., اتركوهم بالساحة لوقت ما، دعوهم يتلمسون ويشاهدون أنتاج زملائهم من الكوارث، هل هذا صعب أن توجد ساحة صغيرة فيها ما قلت, لا اعتقد.
أما من يقول أن رجا البدور يريد أن نشرب السواقين الشاي والعصائر واعجباه!, أقول له يا أخي المحترم دائماً نحن الأردنيين عندما نريد أن نناقش مسالة عامة على مستوى الوطن لا اعرف لماذا دائما يتم التركيز على الأمور الجانبية والغير محورية بالموضوع, نناقش بالفروع والاغصان وكيفية علاجها, علما ان الجذور امامنا معفنة وهي التي بحاجة, فأنا هنا أطرح الاقتراحات بكل قوة, واعتقادي أنها سوف تحل مشاكل كثيرة يعاني منها طرفي المعادلة السواقين ورجال السير, واعتقادي الأكبر أنها ستخفض من نسبة الحوادث أن هي استغلت كما يجب فمثل هذا الأمور لا تتطلب عجزاً ولا كسلاً, ويجب أن نجرب كل الاحتمالات الممكنة والمعجزة في بعض الاحيان لنصل الى نتيجة, ولابد أن نصل إلى نتيجة ايجابية هذا الذي يجب أن يكون , العزم والجديه من كل الأطراف ,لان ذلك يتطلب جهوداً متكاملة ,ولا يجوز لنا كمسوولين أن نثبت على حل او حلول خاصة عندما نرى عدم جدواها ، ونبقى ننجز المعاملات والرخص وبسرعة ، أخوتي أن ما ننجزه هو معاملات ترخيص للموت ، يجب أن تأخذ حقها من العناية, وقد جربنا كافة السبل, وما زلنا بالطليعة بحوادث السير ، ألم نجرب رفع قيمة المخالفة لمئات الدنانير، ومن قال لك أن المخالفة الكبيرة تمنع وقوع الحادث! وهي غالباً تصنعه ,هي التي توثر على السائق وتجعله شارد الذهن في تحصيل لقمة العيش لأطفاله ,هي التي تدفعه للتفكير بأنه قد خسر مثلا 100دينار, ويجب أن يعمل أسبوع وهو شارد بأفكاره هنا وهناك.. ونأتي ونقول له لا تعمل حادث!.
يجب أن نطور الأساليب بالتعامل مع أخواننا السائقين , يجب أن تصل إليهم رسالة مفادها أننا كرجال للسير وهم كسائقين في صف واحد لا في صفين متقابلين متضادين.
هنا يحضر سؤال بديهي في هذا الصدد وهو على فرض أننا طبقنا الأقتراح الأول وأعطينا إخواننا السواقين المراجعين لدوائر الترخيص هذه الجرعات المرورية النفسية والعينية ,هل هذا كافي لأن يحصنهم لمدة سنوات لحين عودتهم للترخيص مرة أخرى ؟ أقول لا إطلاقاً غيركافي, وهنا يأتي الاقتراح الثاني والذي هو متمم للأول وهو :
نحن نعرف أنه عندما يحصل حادث , تسارع الجهات المختصة كلا لعمل ما ينبغي عليه ، فهذه الإسعاف تنقل الضحايا والجرحى ، وهذه دائرة السير تزيل المركبة / المركبات عن الطرق.., هنا نستطيع نحن كدائرة سير أن نعمل على ديمومة الجرعة المروية التي أخذها السائق عند أخذه الرخصة بالاقتراح الأول, نديمها وباليسير من العمل . فما المانع من حمل مركبة محطمة بحادث بواسطة ونش تابع لأي جهة ( بلدية –محافظة – مديرية أشغال – دائرة سير.. ) يقف عند إشارة ضوئية مثلا ليراها كل الناس ، نعم دعوهم يروا نتائج الحوادث على الممتلكات, وبالفطرة هم يسالوا ويستفسروا عن ما حصل,, وما هي أعداد الضحايا , هذا الذي سيديم الشعور عندهم بالخوف والحذر من أسباب الحوادث ، أسالوا أطباء علم النفس عن التأثير ألوقعي على الذات الإنسانية , هذا هو المانع النفسي كما الحال بالطائرة , أم أعداد الونشات ومن أين, وما هي المواقع التي ستوضع بها, ( هذة الاغصان والامور الجانبيه التي ذكرتها لكم ) ,كل هذه الأمور متروكه لأهل المسوولية والاختصاص ,أما أن نبقى نقول الأردن من الدول المتقدمة بحوادث السير , لا هنا نحن نبحث عن التأخر ولا نريد التقدم , والأدهى انه ما زال هناك من ينادي برفع قيمة المخالفة, أخي العزيز ليست القصة قيمة مخالفة, ولكن قصة لماذا يخالف! , هنالك من يدفع المخالفة لو أنها 1000 دينار كما أنك تشرب فنجان قهوة الصباح, وبالمقابل هناك من يقتل من اجل بضعة دنانير , وهناك من ينادي بشن حملات على السواقين, وصدقاً لا أعرف عندما اسمع مثل هذه المفردات (حملات) من قبل البعض, يحضر لخاطري طيف من حملة نابليون بونابرت على مصر ، مفردات تحتوي على عدائية مقيتة مبطنة وغير مقصودة , ولكنها تترك أثر سلبياً على الذات , ويجب أن تترك مثل هذا الألفاظ , كل ما ذكرنا آنفاً ليست حلول جذرية, ولكنها حلول تعتمد على الاقدار والحظوظ, وليس على دراسة منهجية منطقية لتخفيض الحوادث! وقد تعمل وللاسف نتائج عكسية, أي أنها قد تكون دافعاً للحادث لا مانعاً له , بالطبع هناك الكثير ليقال في هذا المنحى الوطني, مثل نشر الوعي والثقافة المروية ، عمل مناهج مرورية للمدارس والمعاهد والكليات والجامعات ، ولا ننسى دور الإذاعة والتلفزيون وإذاعة FM لمديرية الامن العام, هي خطوة رائدة بهذا المجال ، والسيطرة المرورية من الجو, كلها حلقات متصلة تكمل بعضها البعض, لمحاولة صناعة أجيال مثقفة مرورياً, ولا نتجاهل تهيئة الطريق والآلية, وفوق ذلك كله حسن الخلق الذي يجب أن يتمتع به رجل السير, وأنه يجب أن يطبق روح القانون لا نصه ، خاصة بالمخالفات البسيطة , وان القانون ليس قراناً يتلى ولكنه يحترم, ويطبق المقصود فيه , وبالمتبادل من الأخلاق الطيبة بين رجال السير والمواطن نصل للهدف وهو حماية رأسمال الوطن وهو , المواطن وممتلكاته , أرجو أن تلقى مثل هذه المقترحات صدى من استجابة عند المسؤولين وان يبنى عليها من أهل الاختصاص والذي خدم بعضهم أكثر من 30 سنة في هذا المجال, فعندما كتبنا هذه السطور لم نكتبها إلا من باب حكمة تقول, شدة القرب حجاب , فأنت عندما تضع ورقة أمامك تستطيع أن تقرأ وكلما قربتها واقتربت منها تتضح, حتى تصل لدرجة لو وضعتها علي عينيك فأنك لن ترى شيئاً وهي أقرب ما يمكن لنظرك , أننا كلنا أبناء هذا البلد مطلوب منا التكاتف والتعاون للوصول للهدف المنشود وهو التأخر كثيرا في أعداد حوادث السير وما ينتج عنها ، والتقدم بخطوات في النواحي الأخرى, نريد ان نسير باجراءات تكون في عكس اتجاه الحادث والموت, وليست لتكون بمحاذاته أو خلفه في بعض الاحيان ، نشكر كل الأخوة الذين يسهروا على أمن الوطن والمواطن , وللخلف دائما في حوادث السير أنشاء الله, في ظل قيادة حبيبنا وقائدنا ,ناصر الأقصى والمقدسات الإسلامية وولي عهده الامين, هذا وبالله التوفيق والى لقاء.
rjaalbedoor@yahoo.com