الاستثمارات أم المنح؟

لدينا حوار غير معمق حول إمكانية الانتقال من المنح إلى الاستثمارات كأسلوب لدعم الأردن.
برز هذا الموضوع بمناسبة قرب تأسيس مجلس تنسيق بين الأردن والسعودية ، وصندوق استثمار مشترك سعودى أردني ، وانتهاء السنوات الخمس للمنحة الخليجية ، وظن البعض أن المنح المعتادة سوف تستبدل باستثمارات.
قد يكون هذا صحيحاً ، ولكنه إذا حصل لا يخدم الأردن الذي ما زال بحاجة إلى المزيد من المنح لدعم الموازنة وتمويل الإنفاق على مشاريع بنية تحتية لا تجتذب المستثمرين ، ودون اللجوء إلى القروض.
الدول الغنية الملتزمة بدعم الدول النامية والفقيرة لا تفضل أن يكون دعمها بشكل منح غير مستردة ، بل بقروض (ميسرة) او استثمارات ذات مردود وقابلة للبيع.
تحت هذا المفهوم اطلقت الدول الغربية المانحة عبارة: استثمارات وليس منحا، وبالانجليزية trade not aid على العكس من ذلك فإن الدول المتلقية للدعم تحتاج المنح النقدية لتسديد عجز الموازنة وتخفيض المديونية وتمويل مشاريع البنية التحتية.
الأردن بحاجة للاستثمارات ، ولكن الاستثمارات لا تغني عن المنح. الاستثمارات العربية والأجنبية مرحب بها ، ولكنها لا تسد عجز الموازنة ، ولا تخفض المديونية ، كما تفعل المنح غير المستردة.
الاستثمار بدل المنح شعار جذاب لا يفوقه جاذبية وبعداً عن الواقع سوى الاستغناء عن المنح ، لكن الشعارات شيء والواقع المر شيء آخر.
بعض المعلقين الذين يخوضون في قضايا اقتصادية من منطلقات إعلامية يبشرون بالتغيير ، ويرحبون به ، بل أكد بعضهم أننا بحاجة لاستثمارات وليس منحاً.
هذا خطأ فادح ، فكيف تؤدي الاستثمارات الموعودة إلى سد العجز في الموازنة والاستغناء عن الاقتراض والاحتفاظ بحيش قوي.
الاستثمارات الخارجية تخلق فرص عمل ، لكن بعض الاستثمارات الأجنبية أدت إلى فقدان وليس توليد الوظائف كما حدث في شركات الإسمنت والاتصالات.
الاستثمارات المباشرة العربية والأجنبية لا تؤسس مشاريع جديدة بل تشتري مشاريع قائمة وعاملة. ويدل ميزان المدفوعات على أن الأرباح المحولة للخارج كبيرة جداً وتشكل عبئاً على ميزان المدفوعات.
في الأردن استثمارات عربية إحلالية لا تخدم الاقتصاد الأردني. والمأمول من مجلس التنسيق المنتظر أن لا يتعامل مع الاستثمارات كبديل للمنح ، فالأردن بحاجة للاثنين.
المنح لازمة لاعتبارات اقتصادية وسياسية وأمنية ، أما الاستثمارات فتتحرك على ضوء اعتبارات الجدوى الاقتصادية من وجهة نظر المستثمر.