أحيانا... (سحب المديح الركامية)

أخطر ما على الرؤية السعودية الجديدة «رؤية 2030» هو نفخها بالمديح والمبالغات في وسائل الإعلام، وهي لا زالت جنيناً فكرياً ننتظر أن تعلن تفاصيل مهمة جديدة عنه، بمعنى أنه لم يكتمل طرحه، وللأسف أن هناك من امتهن التطبيل غير عابئ بالنتائج، فهو «الإبداع» الوحيد الذي يجيده.

 

 

وأتذكر أنه عندما أطلقت فكرة إنشاء مشاريع المدن الاقتصادية وجذب الاستثمار الأجنبي بتلك الصورة والوهج الذي لا ينسى، ويمكن تدريسه كنموذج للفشل، ظهرت سحب المديح الركامية وكان بعضها على شكل إعلانات أو ما يشبه الإعلانات بثياب المقالات والتحقيقات الملونة المدفوعة وتلك التي تنتظر الدفع، حتى كدنا نلمس بأيدينا جدران هذه المدن الاقتصادية ومصانعها ومنتجعاتها، بخاصة مع جودة التفنن في صناعة المجسمات والنماذج الكرتونية مع وسائل العرض المستوردة الحديثة، وكان كل من يتساءل وينتقد يعتبر من المتشائمين الذين لا يرضيهم العجب ولا الصيام في رجب وتم تصنيفهم على قائمة «أعداء النجاح»، وجماعة نصف الكوب الفارغ، ولم يتوان البعض من التحريض عليهم إما على أوراق الصحف أو في الكواليس، ونتج من تلك الأفكار والسحب الركامية كما يعلم الجميع أمطار حمضية أضرت بالبلاد والعباد، كان من آثارها دهس الأحلام والثقة كانت مولداً للإحباط، وفاز بعضٌ قليل بفتات سيسألون عنه في يومٍ ما.

 

 

سحب المديح لا تمطر إلا في حضن من انطلقت منه إذا أمطرت، لكنها في واقع الأمر تتجاوز ذلك إلى أنها تغطي العيوب وتخفي خلف موجات الضباب الاصطناعي أخطاء وعقبات ومعوقات، وتعمي العيون عن أي انحراف في المسار نحو الهدف المعلن. أي عاقل يحلم بالأفضل ويتمناه، ولا شك أنه إذا ما وجد قاطرة وطنية لتحقيقه سيعمل معها وعليها، لذلك لا مجال للمزايدة هنا. ومن الأخطار على الرؤية الجديدة وهي لا زالت خطة واستراتيجية تنتظر آليات التطبيق، أن تركن الأجهزة الحكومية إليها فتتوقف الأعمال أو تكون شبه متوقفة، بمعنى يصبح العمل على إنجاز الرؤية عذراً للتقصير والإرجاء أو الإهمال في كثير من الخدمات المهمة والحيوية التي تهم كل مواطن وتمس حياته اليومية.