حقوق الإنسان في الأردن بعيون الخارجية الأميركية
اخبار البلد-
نضال منصور
في الأيام الماضية أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تقريرها السنوي عن حالة حقوق الانسان في العالم، وكان الأردن من بين الدول التي تعرضت للرصد والمتابعة.
حرية التعبير والإعلام كانت في صدارة الانتقادات والانتهاكات التي سلط تقرير الخارجية الأميركية الضوء عليها، وفي تقرير لجريدة الغد عن الوضع في الأردن قالت "أهم المشاكل في حقوق الإنسان هي القيود المفروضة على حرية التعبير بما في ذلك اعتقال الصحفيين، وهو الأمر الذي يحد من قدرة المواطنين ووسائل الإعلام على انتقاد سياسات الحكومة والمسؤولين، وحد كذلك من قدرة المواطنين على تغيير حكومتهم سلمياً، إضافة الى سوء المعاملة ومزاعم عن وجود تعذيب".
ويضيف التقرير وفق "الغد" أن من المشاكل الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان "القيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات والتجمع، وسوء ظروف السجن، الاعتقال التعسفي والحرمان من الإجراءات القانونية الواجبة خلال الاعتقال الإداري والاحتجاز لفترات طويلة، إضافة الى أن الحكومة استمرت في التعدي على حقوق الخصوصية للمواطنين".
ويتابع التقرير لفت الانتباه الى ظاهرة "الحصانة والإفلات من العقاب، وعدم اتخاذ إجراءات قوية للتحقيق والمقاضاة أو معاقبة المسؤولين الذين ارتكبوا انتهاكات".
الحكومة تسلمت التقرير حسب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، وحسب علمي لم يصدر تعليق من الحكومة رافض لهذه الاتهامات، أو غاضب أو عاتب، وأفهم من ذلك بأنها تسلم بصحتها أو أنها ستفندها وترفضها لاحقاً، وباعتقادي أن تقرير وزارة الخارجية الأميركية لا يقول شيئاً جديداً وكل هذه المعلومات متوفرة في تقارير مؤسسات المجتمع المدني الأردنية الحقوقية، بل وأكثر من ذلك، والفرق أن تقرير وزارة الخارجية الأميركية له وقع خاص على آذان المسؤولين بالدولة، ويهتمون لأمره، ويخشون تشوه صورتهم في الخارج خاصة عند الأميركان.
والحقيقة أن الدولة الأردنية لم تعد ترعبها تقارير حقوق الإنسان والحريات في السنوات الثلاث الماضية بعد تراجع وأفول "الربيع العربي"، وبعد أن أصبح أثراً بعد عين، وكذلك الدول الغربية لم تعد تثير ضجة كبيرة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في الأردن والعالم العربي بعد أن تفشت ظاهرة الإرهاب، وتمددت التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" واكتوى الجميع بنارها، فتراجعت ملفات حقوق الإنسان، واستأثرت ملفات مكافحة الإرهاب على ما عداها.
إطلاق تقرير الخارجية الأميركية مناسبة لتذكير حكومتنا بتراجع مؤشرات حقوق الإنسان، وتذكيرها لا يأتي استقواء بمواقف الدول الغربية التي ترفع شعاراً في تفاوضها مع الأردن ينص على "إصلاح أكثر دعم أكثر"، وانما لأن مصلحتها في الالتفات لهذا الملف والتصدي لهذه الانتهاكات قبل أن تستفحل أكثر وأكثر.
الشواهد على تراجع مسار حقوق الإنسان كثيرة، يكفي أن نذكر في قضايا حرية التعبير أن 10 إعلاميين أوقفوا عام 2015، وأن المادة "11" من قانون الجرائم الالكترونية فتحت "الحبل على الغارب" لمزيد من التوقيف التعسفي ليس للصحفيين وحدهم بل لكل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وأيضا قدمت الحكومة تعديلات على قانون العقوبات ودفعت بها للبرلمان لإقرارها، ورغم أنها عدلت مواد كثيرة فإنها لم تقترب من المواد القانونية التي تجيز حبس الصحفيين بالجرائم الواقعة على أمن البلد الداخلي والخارجي، وكذلك المواد التي تجيز محاكمة الإعلاميين أمام محكمة أمن الدولة.
ورغم اهتمام الحكومة بتعديل المادة "308" وتقديمها تعديلات إيجابية، إلا أنها تهاونت حين أقرت عدم الملاحقة بجرم الاغتصاب لمن يقيم علاقة بالتراضي مع قاصر وفتحت ثغرة في القانون للإفلات من العقاب، وأفسدت كثيراً إصلاحاتها التي طالبت بها منظمات المجتمع المدني لسنوات طويلة.
وبالتزامن مع كل هذا تقدم مسودة لمشروع قانون الجمعيات تضيق الخناق على عمل مؤسسات المجتمع المدني، عدا عن الممارسات اليومية للتضييق على عملها بما يتعارض مع القانون والمعايير الدولية.
لا تحتاج الحكومة إلى تقرير الخارجية الأميركية ليعلق الجرس حول انتهاكات حقوق الإنسان، ولا نعلم بماذا ستجيب عنه علناً أو في الغرف المغلقة؟!.
وما ندركه حقاً أن الحكومة قدمت خطة وطنية لحقوق الإنسان وسلمتها لجلالة الملك، ونقبل منها أن تلتزم بما ورد بها كخطوة أولى على طريق الإصلاح واحترام حقوق الإنسان وصيانتها، لعله يأتي اليوم الذي نتباهى به بسجل الأردن الحقوقي.