كسب عباس وخسرت المقاومة

أعلن أمس في القاهرة، توقيع اتفاق مصالحة بين ممثلين عن حركتي فتح وحماس، وهو الاتفاق الذي يأمل الكثيرون، فلسطينيون وعرب، ان ينهي أربع سنوات من الانقسام الفلسطيني الذي ألحق ضررا كبيرا بالشعب الفلسطيني وبقضيته.
وجاء التوقيع بعد عدة أيام من الإعلان عن
توقيع "مفاجئ" لورقة تفاهُم بين الحركتين المتنافستين استندت أساسا إلى بنود الورقة المصرية التي وضعها جهاز المخابرات بقيادة رئيسه السابق عمر سليمان في تشرين الأول/أكتوبر 2009 ، ووقعتها "فتح" في حينه ورفضتها "حماس" بعد إبداء عدد من الملاحظات الجوهرية عليها.

والشيء الوحيد الذي زاد على الورقة المرفوضة سابقا من قبل حماس هو ورقة توضيحات لبعض المفاهيم والخطوات ومجالات التنسيق في المرحلة المقبلة، وهي أمور برأي لا تغيّر في طبيعة الورقة المصرية التي تتضمن بنودا فيها انحياز واضح لصالح حركة فتح وسلطة يتزعمها رئيساً منتهي الصلاحية.

بعيدا عن المزايدات، أوجه سؤالا مباشرا لقيادة حركة حماس في الداخل والخارج، مالذي تبدل في مواقف فتح والسلطة حتى أصبحت المصالحة ضرورة ودعمها واجب وطني يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني ومقاومته للمحتل؟، هل تعهد محمود عباس، مثلا، بوقف التنسيق الأمني مع أجهزة الاحتلال الأمنية، وأعلن موقفا داعما لحق الشعب الفلسطيني في المقاومة ؟ أم انه أمر بالإفراج عن المقاومين المعتقلين في سجون الضفة الغربية وآخرهم المجاهد بكر بلال نجل الشيخ الراحل سعيد بلال الذي اعتقلته أجهزة عباس الأمنية بعد ساعات قليلة من خروجه من المعتقل الإسرائيلي؟

هل اقتنعت حماس وتريد ان تقنعنا معها ان فتح وسلطة عباس بعد كل هذه السنوات ومنها سنوات "التيه" الأربعة، قررت أخيرا الانحياز إلى جانب خط المقاومة؟ أم أنها باتت مقتنعة بعباس "السوبرمان" الذي قرر مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأمريكية ومعها العربية التي كانت تُمارَس على سلطته، وتمنعه من العمل الجدّي للوصول إلى اتفاق مع الحركة ينهي خلافا بين الفلسطينيين كفل الأمن والأمان للاحتلال على مدار السنوات الأربعة الماضية.

اللافت ان السلطة لم تغيّر برنامجها كما أنها لم ولن تبدل أدواتها، فالعملاء والفاسدون ما زالوا أصحاب الكلمة العليا في مؤسساتها، وهم الذين يطالبون اليوم الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم حماس بتبني برنامج محمود عباس السياسي واعتماده برنامجا للحكومة الانتقالية التي تم الاتفاق على تشكيلها وفق اتفاق المصالحة الموقع.

محمود عباس هو المستفيد الأول والوحيد من هذه المصالحة، فالانقسام كان سببا رئيسا في تشكيك العرب والغرب في شرعيته، وتجاوز هذا الانقسام يعني وبكل وضوح ان حماس ومعها فصائل المقاومة منحت رئيس السلطة المنتهية ولايته الحق في تمثيل جميع الفلسطينيين في المحافل الدولية، واستنادا إلى هذا الحق يستطيع ان يتفاوض ويتنازل ويقرر ما يريد كرئيس لفلسطين باعتراف الجميع.

سؤال أخير: ما هي مصلحة حماس بالتوقيع على اتفاق يتخلى موقعيه عن المقاومة؟

جاء في العهد الجديد : من ضربك على خدك الأيسر فأكسر يديه الاثنتين.