محمد الصبيحي يكتب : من هي الشخصية المتنفذه التي هددت المدعي العام ... ومن يحاسبها ؟!
أخبار البلد - في ضوء السياسة المبرمجة لعزل القضاء عن الاعلام لإبقاء صوته خافتا وتسهيل مهمة السيطرة عليه فانني أدعو زملائي الكتاب الى مد جسور التواصل مع رجال القضاء وبالذات رجال النيابة العامة (المدعين العامين) العاملين في الميدان وليس في الطوابق المرتفعة.
تواصل يهدف الى مواجهات المحاولات المتواصلة لأضعاف سلطة رجال الادعاء العام والهيمنة على عملهم والتدخل فيه، وتوجيه الضغوط نحوهم لزج فلان من الناس في السجن وأخلاء سبيل غيره ممن يتمتعون بقدرة على تحريك التوسطات، ولو جاز لي الحديث بالتفصيل عبر الاعلام حول عمليات التدخل في عمل المدعين العامين بل وتهديد بعضهم فاني واثق بأن كل رجال القانون الاحرار لن يقبلوا بالوقوف موقف المتفرج، ولن يقبل كل من يحترم سلطة المدعي العام واستقلاله وتمثيله لإرادة الشعب (الحق العام) في ملاحقة المجرمين، أن تقوم شخصية حكومية وبتعاون من شخصيات أخرى مسؤولة بتهديد مدعي عام ان لم يوافق على أخلاء سبيل متهم بقضية تزوير كبيرة بالكفالة رغم قرار محكمة الاستئناف بتأييد توقيفه، وحين يرفض ويغلق الهاتف في وجه محدثه يجري سحب القضية التحقيقية من بين يديه.. والبقية أدهى وأمر.. واذا لم تتم معالجة هذه الحادثة فان رجال قانون سيعقدون مؤتمرا صحافيا يكشفون فيه الشخصيات التي تقف وراء القضية.
اننا نشهد ومنذ عدة سنوات محاولات لأضعاف دور دائرة الادعاء العام وإبطاء حراكها العملي وسلطتها في مراقبة تنفيذ القانون، ومحاولات مستميتة لفصل النيابة العامة عن الجسم القضائي عبر تشريعات أصدرت بقوانين مؤقتة - ردها مجلس النواب لاحقا - بالاضافة الى محاولات حكومة سابقة الحاق المدعين العامين (بالذات) لتعليمات وتوجيهات وزير العدل المباشرة ووضع النيابة العامة كلها تحت جناح وتدخل وزير العدل.
ويعلم رجال القانون أن المعايير الدولية لاستقلال القضاء وسلطة تنفيذ أحكامه لا تقبل ولا تعول الا على قرارات وأحكام القضاء النظامي وقرارات التحقيق الصادرة عن النيابة العامة المدنية وهذا يدفعنا الى التساؤل عن المستفيد من تهميش دور القضاء النظامي وسلطة دوائر الادعاء العام في المحاكم النظامية واختراق عملها بالتدخل المباشر والتوجيه غير البريء.
لا احد يستطيع منع مدعي عام من فتح تحقيق في أي جرم يصل الى علمه خبر بوقوعه. ولا أحد يستطيع أجبار مدعي عام على أخلاء سبيل متهم بالكفالة الا عبر الطعن بقرار التوقيف الى محكمة الاستئناف صاحبة السلطة في الغاء قرار المدعي العام أو تأييده، أما الذين يريدون العمل بسلطة تتجاوز سلطة القنوات القانونية فان محاسبتهم مسؤولية وطنية، وكل من يحاولون الضغط على رجال الادعاء العام وتهديدهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة فان مكانهم في بيوتهم وليس في مواقع المسؤولية الادارية.
ان أحدا مهما كان موقعه لن يجرؤ على تهديد قاض أو مدع عام أو التدخل في عمله لو كان أي منهما يسارع الى الصحافة لفضح ما حدث، فالصحافة كانت وستظل دائما السند القوي لسلطة القضاء المستقل، ويبدو أنها الطريقة الوحيدة التي سنلجأ اليها للتضامن وحماية سلطة القضاء، اذا لم يكن تحرك المجلس القضائي الموقر فعالا وفاعلا.