قطاع الصناعة: ما رأي الحكومة؟

مرّ خبر إغلاق آلاف المنشآت الصناعية من دون نقاش يذكر؛ لاسيما بما يفسّر سبب المشكلة التي تخبئ بين ثناياها المعاناة الكبيرة لقطاع الصناعة، الذي يصنف ضمن القطاعات المشغّلة للأردنيين.
الأرقام التي أعلنتها غرفة صناعة عمان، في بيان منتصف الأسبوع الماضي، تكشف أن أعداد المنشآت الصناعية التي لم تقم بتجديد اشتراكها في "الغرفة" في العام 2015، بلغت 2281 منشأة، تشغل أكثر من 11 ألف عامل وعاملة، وذلك في مقابل 975 منشأة تم تسجيلها لأول مرة؛ ولتكون المحصلة أننا فقدنا 1306 منشآت صناعية العام الماضي.
قبل ذلك، كنا قد فقدنا أيضا في العام 2014 حوالي 207 منشآت؛ إذ بلغ عدد المنشآت التي لم تجدد اشتراكها في ذلك العام نحو 1322 منشأة، كانت تشغل 7679 عاملا وعاملة، مقابل تسجيل 1155 منشأة في العام ذاته. كما كان العام 2013 قد شهد بدوره إغلاق 980 منشأة أبوابها، كانت تشغل 6610 عاملين وعاملات.
الأرقام السابقة تُعرّي ما يحدث في القطاع منذ ثلاث سنوات على الأقل؛ إذ تؤكد الازدياد الخطير في أعداد المنشآت الصناعية التي تغلق أبوابها، وترسم تالياً صورة واضحة بشأن تراجع التشغيل في هذا القطاع الحيوي، بما يعنيه ذلك تلقائياً من ارتفاع في نسب البطالة. 
لكن تلك الأرقام على سوداويتها لا تقدم القصة الكاملة؛ أي على مستوى المملكة ككل، وليس العاصمة وحدها، كونه لا توجد أرقام محدثة بشأن الواقع في المحافظات الأخرى.
لكن قياساً إلى حقيقة إنهاء ما مجموعه قرابة خمسة آلاف منشأة في عمان أعمالها على امتداد السنوات الثلاث الماضية، يبدو ممكناً الاستنتاج أن أحوال قطاع الصناعة في المحافظات الأخرى التي يحضر فيها هذا القطاع، ليست أحسن بكثير من العاصمة.
برغم ذلك، لا تهبّ الحكومة لتجري مسحا يشرح ويفسر ما يجري!
موضوعيا، ساهمت أحوال الإقليم، بالتأكيد، في زيادة الضغوطات على القطاع. وقد أدى انغلاق الحدود القسري خصوصاً، إلى تراجع الصادرات، بحيث لم يجد كثير من المنشآت سوقا لبضاعتها.
لكن في الكفة الأخرى تبرز سياسات حكومية قاصرة على مدى سنوات، فيما كان يفترض أن نشهد جهداً استثنائياً خلّاقا لاجتراح حلول تخفف من حدة الأزمة. إذ على النقيض مما هو متوقع ومطلوب، قامت الحكومة، مثلا، بتخفيض ضريبة المبيعات من 16 % إلى 8 %، على 7 سلع تشمل الملابس والحقائب والساعات والأحذية والعطور والمجوهرات والألعاب، إضافة إلى تخفيض الضريبة من 25 % إلى 8 % على العطور ومستحضرات التجميل والملابس من الجلد الطبيعي! ما أثر سلباً على القطاع محليا.
وزادت الطين بلة السياسات الجبائية للحكومة، التي أرهقت القطاع والقائمين عليه، لاسيما بتزامن ذلك مع تباطؤ اقتصادي يتعمق يوما بعد يوم، عنوانه ضعف الطلب.
بالمحصلة، تعاني الصناعات الوطنية كثيرا من التحديات التي تضعف قدرتها على المنافسة، ولاسيما القرارات الحكومية التي يُفترض أنها خاضعة للسيطرة أردنيا بما يسمح بالتحكم بها وفقا لاحتياجاتنا. وكلما تأخرنا في معالجة المشكلات، سنفقد مزيدا من المنشآت، ونكسب طوابير من آلاف العاطلين عن العمل. وبدلا من أن تنشغل وزارة الصناعة بقضايا تفصيلية وعناوين بروتوكولية، فإن الأولى بها أن تهبّ لنجدة الصناعة الوطنية المكبلة بكثير من القيود. لكن حتى الآن، مرّت أرقام غرفة صناعة عمان الأحدث من دون تعليق رسمي، بحيث لم نسمع من الوزارة ولو حرفا واحدا حيالها، فيما يُفترض بها إعلان حالة الطوارئ لإنقاذ القطاع.