«حرب المراحيض» العامة تؤجج نيران الانتخابات الرئاسية الأميركية

اخبار البلد-

 

تحولت الحرب الثقافية بين القيم الليبرالية والقيم المحافظة في الولايات المتحدة الأميركية إلى بند رئيس في جدول السجالات الانتخابية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، وقد تكون المعركة الانتخابية المنتظرة في نيويورك في التاسع عشر من الشهر الجاري مثالا على ضراوة هذه الحرب، خصوصاً بين المرشح الليبرالي دونالد ترامب المدافع عن قيم نيويورك ومنافسه المحافظ تيد كروز الذي شن في الأسابيع الماضية حملة على القيم النيويوركية التي اختصرها سيناتور ولاية تكساس بقيم المال والإعلام.

نتائج تلك الحرب الثقافية في ولايات الجنوب، حيث الغلبة للمحافظين والأجنحة المتشددة، تتجلى معالمها في قوانين أقرتها المجالس التمثيلية في تلك الولايات، كقانون المراحيض الذي يلزم الفصل بين الجنسين في حمامات المدارس والأماكن العامة الذي بدأ العمل به في ولاية نورث كارولينا معقل اليمين الأميركي، وينتظر أن تقره ولايات أخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة.

ويأتي قانون فرض فصل الجنسين في المراحيض العامة في إطار الحرب المفتوحة بين المحافظين المتدينين وبين المدافعين عن حقوق المثليين، وفي سياق رد المحافظين على قرار المحكمة الأميركية العليا الصيف الماضي تشريع زواج المثليين جنسياً، ويتزامن ذلك أيضا مع مساعي الجمهوريين المحافظين الذين يسيطرون على مجلسي النواب والشيوخ في نورث كارولينا لإقرار اقتراح قانون يجعل من المسيحية الدين الرسمي للولاية.

أما المعارضون للقانون فيعتبرون أن هدفه الرئيس هو التمييز ضد المثليين والمتحولين جنسياً وتنغيص حياتهم اليومية التي يعتبر استخدام المراحيض من ضرورياتها، ويرفضون وجهة نظر المؤيدين له التي ترى أنه يهدف إلى صون المبادئ الأساسية في الدستور الأميركي التي تشدد على حرية المعتقد وحماية الحقوق الدينية.

وترى منظمات حركة الحقوق المدنية أن القانون الجديد، الذي أثار الإعلان عنه جدلاً واسعاً وتظاهرات احتجاجية في العديد من المدن الأميركية، يتستر بغطاء حقوق المتدينين من أجل التمييز ضد المثليين جنسياً، ومصادرة حقوقهم المدنية التي أصبحت هي أيضا محمية بالقوانين الدستورية.

ويمنع القانون المثليين والمتحولين جنسياً من استخدام مراحيض مختلطة ويلزمهم وجميع المواطنين باستخدام المراحيض حسب الجنس عند الولادة. فالمواليد الذكور في مراحيض الرجال والإناث في مراحيض النساء من دون أن يلحظ أي استثناء يطاول احتمال تغيير الأفراد لجنسهم.

لكن شكوكاً أثيرت وأسئلة طرحت حول إمكان تطبيق قانون والوسائل التي ستعتمدها السلطات لتحديد الهوية الجنسية لمستخدم المراحيض في المدارس والأماكن العامة. ويؤشر التأييد الذي يحظى به هذا القانون في ولايات الجنوب إلى تنامي قوة المحافظين، مع احتدام التعبئة الانتخابية التي أخذت في الأشهر الأخيرة طابعاً تحريضياً عنصرياً ودينياً، خصوصاً في خطابات المرشحين للانتخابات الرئاسية عن الحزب الجمهوري وتنافسهم على كسب تأييد الناخبين المحافظين.

ونظمت الجمعيات المؤيدة للمثليين جنسياً اعتصامات وتظاهرات في عاصمة الولاية ومدنها الرئيسة احتجاجاً على قانون المراحيض، كما أطلقت حملة واسعة لمقاطعة سلطات نورث كارولينا وألغيت انشطة فنية وموسيقية عدة، كان مقرراً تنظيمها في الولاية تضامناً مع المثليين.

ويرى الناشطون المؤيدون لحقوق المثليين أن قانون «المراحيض» هو محاولة من المحافظين للانقلاب على المكتسبات التي حققتها حركة حماية الحقوق المدنية للأقليات والمثليين في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد تشريع زواج المثليين، ما اعتبر انتصاراً تاريخياً للحركة وأحد الانجازات الكبرى لباراك أوباما أول رئيس أميركي من أصول أفريقية.