عادة الاعتبار للرقابة على الأسواق

كثيرة تلك الأخبار التي تعلن عن اغلاق مطاعم هنا او مصادرة او اتلاف اطنان من الاغذية غير الصالحة للاستخدام هناك، ويذيل الخبر بإغلاق المطعم او / و المعمل، ولن يعاد فتحه مجددا الا حال تصويب الاوضاع واستكمال جميع الشروط المطلوبة بموجب القانون، وهذا اجراء غير كاف والدليل على ذلك ان مسلسل بيع السلع الفاسدة وغير الصالحة مستمر، فالعقوبة بسيطة سيما وان المطعم او المعمل المعني لم يتم الافصاح عنه، اي ان العقوبة الادبية لم تظهر، والاساس ان يتم الافصاح عنه حتى يتنبه جمهور المستهلكين واخذ الحيطة بالتعامل مع هذا المطعم او المنتج مستقبلا.
الاغذية غير الصالحة للاستخدام البشري مثال على مظاهر صعبة تجتاح حياتنا من استخدام الطريق الى التعديات على شبكات المياه والطاقة الكهربائية الى الغش التجاري في معظم الانشطة الخدمية، فالتجاوزات اصبحت نوعا من الشطارة او الفهلوة كما يقول الاشقاء في مصر بينما في العرف والقوانين هي شكل من اشكال التمادي والتعدي يجرمها القانون، ومع ذلك يبدو اننا نواجه تردي منظومة المتعاملات، وشكل ما يسمى بـ « الربيع العربي» منطلقا للتجاوزات باعتبارها نوعا من الاحتجاج الذي تحول الى اعتداء حتى على الطريق.
المشكلة ان من يقوم بمثل هذه الممارسات يعتقدون انه بمثابة رد على الغلاء وزيادة الاعباء على المواطنين ، ويعتقدون ان « سرقة الحكومة حلال « ولا يقيمون وزنا الى ان سرقة المال العام يترجم في نهاية المطاف الى سرقة عامة المواطنين حيث يتحول مجموع هذه السرقات الى قروض حكومية توزع اجلا او عاجلا على المواطنين في صور عدة ابرزها فرض الحكومات مزيدا من الرسوم والضرائب، وكما يقول خبراء اقتصاديون .. الديون هي بمثابة ضرائب مؤجلة.
الوضع الراهن يحتاج لعقد ورش ومؤتمرات يشارك فيها كافة اطياف المجتمع لاعادة الاعتبار للقيم المجتمعية، وبث جرعات مستمرة في كافة وسائل الاعلام المختلفة للتثقيف بأهمية العودة الى القيم والنواميس التي تربى عليها الاردنيون طوال العقود والسنوات الماضية، اما اولئك الذين بأعمالهم يحرقون المراحل لجني الارباح خلال فترات زمنية قصيرة عليهم ان يعودوا الى رشدهم، واعتماد النزاهة في العمل باعتباره نمط حياة، فالبناء المتين يبنى رويدا.
وفي نفس الاتجاه فإن منظومة الرقابة يجب ان تتسلح بقوانين رادعة، تقف في وجه اولئك الراغبين في التجاوز مهما كان الثمن، فالحياة اسهل مع الصدق واحترام حقوق الاخرين بسيطها وكبيرها.