الغذاء والدواء والمواصفات والمقاييس خط أحمر

اخبار البلد-

 

م. وائل سامي السماعين

 
 
 
 

 

المؤسستان اللتان تشكلان خط الدفاع الأول لكل مواطن ومقيم على أراضي المملكة هما مؤسستا الغذاء والدواء والمواصفات والمقاييس والفرق بينهما هو ان الأولى تعنى بسلامة وصلاحية الغذاء والدواء الذي نتاوله ان كان منتجاً محلياً أو مستورداً مثل اللحوم والقمح والمعلبات....الخ لتكون صالحة للأستهلاك، اما الأخرى تعنى بكل المنتجات الصناعية التي تصنع محلياً أو ان كانت مستوردة من الخارج من ألعاب الأطفال ومروراً بإسطوانات الغاز وغيرها للتأكد من مطابقتها للمواصفات الأردنية ومعايير السلامة بحيث تكون آمنة للاستخدام.


يثار كثير من اللغط من حين إلى آخر حول عمل أو إجراءات هذين الصرحين العملاقين من مجموعة تعد على أصابع اليد بعض منها لها مصلحة تجارية مادية بحتة والبعض الآخر قد يرى أن عمل هاتين المؤسستين يزيد من التكلفة المادية من جراء إتباعه اجراءاتهما الصارمة,واما هاتان المؤسستان فمن المفترض أنهما تستندان في جوهر عملها على الأخلاق المهنية ومسؤوليتهما العظيمة اتجاه السلامة العامة للمجتمع (Public) ولهذا السبب تجد ان هناك تنافرا دائما بين من يفرض القانون من جهة ومن المطلوب منهم الإلتزام به من جهة اخرى ,و من الطبيعي جداً أن يتولد لدى البعض حالة من عدم الرضا لأن مخزون الذاكرة لدى الأغلبية ان كانت طويلة أو قصيرة الأمد تعطي مؤشرات على ان التغول على مؤسسات الدولة هو الوضع الطبيعي (Norm) ولهذا يجد الكثيرون ان التعامل مع هاتين المؤسستين أمر لا يطاق وخصوصا اذا ما وجد على قمة هرمهما اشخاص يطبقون القانون بحذافيره وبدون تنازلات.


إن مؤسسة الغذاء والدواء لها دور ريادي ومهم في المراقبة لضمان ضبط الجودة (Quality Control) من خلال طلعاتها التفتيشية على المطاعم ومحلات تصنيع الغذاء او تخزينه....الخ وغيرها الكثير , ودائما نقرأ ونسمع ان بعض المحلات أغلقت أو أنذرت او اتلفت المواد المنتهية الصنع ولكن يتم التحفظ على أسماء المحلات المخالفة وهنا الغرابة في الامر ، ناهيك عن حالات التسمم الغذائي التي في بعض الأحيان كانت قد أودت بحياة البعض إلى التهلكة وأشهرها حادثة البحر الميت , اضف الى هذا كله كثيرا ما نسمع عن انطباعات السواح الأجانب الذين يعانون الأمرين لتناولهم وجبات سريعة من مطاعم الشاورما , فقد ارسل احد الأصدقاء يخبرني ان احد اقربائه يشكو من كثرة حالات التسمم و مشاكل في المعدة بعد تناول الوجبات السريعة من تلك المطاعم المنتشرة في ربوع المملكة وأظن أن الأغلبية تؤيد إن قلنا أن النظافة العامة لتلك المطاعم أو الملاحم أو المخابز وغيرها غير مرضية على الأطلاق ولعل زيارة إلى أماكن تحضير وتجهيز الطعام قبل طهيه في تلك الاماكن تؤكد ذلك.


كوننا دولاً يمكن وصفها بزراعية وبالتأكيد ليست صناعية فهذا واضح في طريقة تفكيرنا وإسلوب حياتنا ولهذا ما زال مفهوم (Quality Assurance) أي ضمان الجودة أو (Quality Control) ضبط الجودة غير شائع وهذا منعكس في قلة التركيز على المناهج التي تقدمها الجامعات أو الكليات المتخصصة في هذا المجال او حتى في توفر المختبرات المتخصصة ، وكذلك من برامج التدريب المهنية التي تكاد تخلو من برامج الجودة ولهذا تجد أن معظم الشركات لا يوجد لديها دائرة جودة (Quality) و لا من ضمن كادرها موظفون للتأكد من ضمان وضبط الجودة لخدماتها او منتجاتها, وهذا قد يعزى الى ان هناك ضعفا في التشريعات التي قد تكون غير ملزمة لأ صحاب ذوي العلاقة اثناء عملية اصدار تراخيص المهن بان يكون لديهم دائرة للجودة. والفرق بين ضمان الجودة وتختصر (QA) وضبط الجودة (QC) هو ان ضمان الجودة(QA) تتعلق في الإجراءات المتبعة (Process) لمنع وقوع عيب في المنتج أياً كان صناعياً أو غذائياً أو دوائياً......الخ وذلك أثناء عملية تصنيع المنتج وأما ضبط الجودة (QC) تركز على المنتج نفسه لكشف أي عيوب به وذلك قبل السماح باستخدامه من قبل المستخدم او المستهلك. وتعزى اسباب و كثرة المخالفات وتردي الجودة لدينا الى الاتي :


1- ان هناك تقصيراً واضحاً وشديداً من ناحية القوانين أو التشريعات غير الملزمة بوجود دائرة معنية ب (Quality Assurance) , فقد يحصل مصنع غذائي أو مصنع لتعبئة المياه بدون الزامه بوجود دائرة لضبط وضمان الجودة
2- لدينا الالآف من الوافدين يأتون للاردن وقد يكون الشرط الوحيد لأي شخص يعمل في مجال الغذاء على سبيل هو شهادة صحية خلو من الأمراض وهي لا تكفي لضمان جودة الغذاء الذي نتناوله لان معظمهم من الفلاحين وليس لديهم خبرةاو علم كافٍ ولهذا نقترح ان يكون هناك تشريع يلزم جميع مقدمي الخدمة وخصوصاً فيما يتعلق بالغذاء بحضور دورات تعليمية تمكنهم من معرفة الحقائق العلمية وكيفية تكاثر البكتيريا وما معنى حالة تسمم وطرق تخزين اللحوم أو الدجاج.. إلخ وكل من ينجح بالامتحان يحصل على تراخيص مزاولة المهنة وهكذا نكون قد ادينا جزءا مهما من (QA)
3- واما الجزء الآخر والمهم من برنامج QA) )هو ان يكون هناك برنامج للحصول على تصنيف (A) او (B) بحيث تتمكن الجهة الحاصلة على التصنيف بوضعها على واجهة المحل وهذا له فوائد عديدة ومنها ا شعال روح المنافسة لتقديم خدمات مضمونة الجودة وكذلك زيادة ثقة المواطن , ففي مدينة نيويورك عندما تأخذ الباص في جولة سياحية يتم إعلام السياح بأن المطاعم التي عليها علامة (A) او (B) هي مطاعم موثوق فيها فكما هو معلوم التصنيف Accreditation هو نظام تعتمد عليه الدول الغربية في الارتقاء بخدماتها


4-واما المخالفات او الانذارات التي تصدر في مرحلة ضبط الجودة QC فمن الضروري اعلانها على الموقع الاكتروني لتلك المؤسستين لان من حق المواطن الاطلاع على هذه الاجراءات, فقبل خمسة وعشرين عاماً اتصل بالاذاعة شخص من الأغوار يشكو من احدى الشركات التي نصبت عليه ويريد ان يحذر من التعامل معها وفي نفس الوقت يتساءل عن الطرق او السبل المتوفرة التي تمكن المواطن من اخذ الحيطة والحذر قبل التعامل مع اي جهة فما كان من المذيع سوى ارشاده لمراجعة الجهات المعنية. في مقابل ذلك يوجد ما يسمى Better Business Bureau في كل من امريكا وكندا وهي تمكن المستهلك من التقدم بشكوى ضد اي شركة او مؤسسة وتعلن جميع الشكاوى على الموقع الألكتروني واذا تم حلها ام لا ويوجد كذلك قائمة باسماء الشركات او المؤسسات من صحفية او هندسية او غيرها المعتمدة من قبل BBB وهذه تكون ملتزمة بحل اي مشكلة ولهذا يتمكن المستهلك من اختيار الجهة التي يرغب بالتعامل معها حيث يعرف مدى مصداقيتها.