مصير أبناء الدواعش من نساء مغتصبات

لا أحد يعرف بالضبط عدد النساء العراقيات والسوريات اللواتي اغتصبهن دواعش، أو عدد الأطفال الذين وُلدوا بعد أكثر من سنتين على تلك الارتكابات؟ لكن، عندما نتحدث عن سقوط مدن في يد الدواعش، يمكننا أن نخمّن عدد النساء وعدد الأطفال تقريبياً، وكارثياً بكل المقاييس.

 

 

للمرة الثانية يحدث هذا في العراق، الأولى عندما سيطر «القاعدة» على بعض المدن العراقية في الغرب أثناء احتلال الجيش الأميركي، والمرة الثانية على يد الدواعش أثناء احتلال الموصل وبعض المناطق في كركوك وديالى، إضافة الى مدينتي الرمادي والفلوجة، حيث كان اغتصاب عراقيات وبيعهن في المزاد، على ما حصل للإيزيديات في جبل سنجار.

 

 

أما المرة الثالثة ففي سورية، في مدينة تدمر وغيرها من المدن. وهي لئن بقيت أقل مما في العراق، فالنتيجة المترتبة، اجتماعياً ونفسياً، واحدة.

 

 

مدينة الأنبار التي تشكّل مساحتها ثلث العراق تقريباً، تستطيع أن تقدم لنا صورة واضحة عن هذه الكارثة الاجتماعية والنفسية المعقدة، خصوصاً أنها وقعت مرتين ضحية لـ «القاعدة» والدواعش. وليس مهماً أن نحصي عدد الزيجات التي يسميها الدواعش شرعية في كل المناطق التي احتلوها، لأن هناك كثيرات من النساء غير المسلمات في الموصل وسنجار وكركوك.

 

 

فالدواعش، كما يعرف الجميع، جاؤوا من كل مكان في العالم تقريباً، من الشيشان والصين وأفغانستان وتركيا وأوروبا وأستراليا، ومنهم من قتل ومن هرب ومن اعتقل في العراق وسورية وبعض البلدان التي قدموا منها، لكنهم بالتأكيد تركوا خلفهم أطفالاً كثراً غير شرعيين مع أمهاتهم المغتصبات المريضات نفسياً والمنبوذات اجتماعياً. والسؤال هنا: كيف سينظر المجتمع والدولة الى هؤلاء الأطفال؟ وكيف سيتم التعامل معهم وهم بلا آباء ولا أوراق رسمية في السجلات الحكومية؟ والأكثر إزعاجاً: كيف سينظر المجتمع البدوي العشائري الجلف الى هؤلاء الضحايا؟

 

 

في المجتمع العراقي الذي مزّقته الحروب طيلة نصف قرن، والمنقسم طائفياً وعرقياً بسبب الديكتاتوريات والانقلابات، لن نجد كثراً ممن يستطيعون النظر الى هذه المشكلة العويصة بعين العقل أو بعين تتعالى على العطب النفسي الشامل. أما من الجانب الآخر، ونقصد به القابضين على السلطة من الأحزاب الإسلامية الشيعية ومن السنة والأكراد، فلا يشذون عن ذلك، إذ إن الانقسام والتبعية والطائفية على أشدهما، وعلناً، في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء. فهذه الطغمة الفاسدة لا يعنيها شيء من هذا، إن لم تكن لها اليد الطولى في حدوث كل الكوارث التي تنخر البلاد.

 

 

والفضائح بالجملة تحدث يومياً في بلاد الرافدين، حتى أننا لا نكاد نحصيها وهي كلّها من العيار الثقيل. لكن أبطال هذه الفضائح وبكل صلافة يظهرون في الفضائيات ويعلنون أنهم ضد الطائفية وضد الفساد وضد سرقة المال العام، لا بل يهددون بالاعتصامات.

 

 

وفي ما يتعلق بسورية، يبدو الأمر أهون قليلاً. فمع أن المجتمع السوري عانى من الديكتاتورية، فإنه لم يدخل حرباً دامت أربعين عاماً، وهو بطبيعته مجتمع مدني مسالم لم تصبه عاهة الطائفية، وبالتالي فإنه يستطيع أن يتعامل مع هذه المشكلة الكبيرة بأقل الخسائر إذا ما اتفق عقلاء سورية على الحوار قبل أن تتحول بلادهم مجموعة من المدن الممزّقة المحاطة بالجدران.

 

 

أما مشكلة العراق العميقة، فلا يستطيع أن يحلّها إلا المجتمع الدولي برمته.