النار والدخان .. في النقابات العمالية
احتفال العمال بعيدهم لهذا العام كان مختلفا بعض الشيء عن اية احتفالات سابقة.
ففي السابق كانت النقابات العمالية ترىفي عيد العمال مناسبة للتذكير ببعض المطالب. والحديث عن بعض الانجازات، والتي في اغلبها انجازات وهمية، وقد تكون مجرد بطولات زائفة، ودفاعات مزعومة عن حقوق عمالية ، ومحاولات لتحقيق مكتسبات لا تقل زيفا عن سابقتها.
الادلة على ذلك كثيرة جدا، وقد يكون موضوع الحد الادنى للاجور والبالغ 150 دينارا فقط، اكبر مثال على ذلك. وهو حد يتم اختراقه كثيرا. دون ان يفعل الاتحاد العمالي شيئا.
ولكي لا نظلم البعض من النقابات التي تتميز بنشاطها، فلا بد من التاكيد على ان بعضها قد حقق انجازات كبيرة. آخرها ما حققته نقابة العاملين في البتروكيماويات، حيث نجحت في تحقيق حزمة لا باس منها من المنجزات النقابية.
من هنا اقول ان وجود بعض النقابات النشطة، لا يعني ان الاتحاد العام لنقابات العمل يمكن ان يكون كذلك. خاصة وانه تحول تدريجيا الى اسلوب اقرب ما يكون من " التعيين" ، واصبح المقياس لتنصيب القيادات العمالية امر مختلف تماما عن مسالة حقوق العمال وقدرة المعنيين على تحقيق المنجزات.
واصبحت مناصب الاتحاد عبارة عن منحة تدر دخلا مجزيا على صاحبها. سواء اكان ذلك الدخل ناتجا عن مكافاة التفرغ للاتحاد. أو عن عضوية مجالس الادارات بدءا من مجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي. او الشركات التي تساهم بها المؤسسة.
وبحسب معلومة ادلى بها النائب خالد الفناطسة باعتباره احد القيادات العمالية النشطة، وصل مجموع المكافآت التي يتقاضاها احد مسؤولي الاتحاد 13 الف دينار شهريا.
عودة الى احتفالات الاتحاد لهذا العام، يبدو ان النقابات العمالية قد افاقت من غفوتها. وقررت مساءلة مثل هؤلاء الاشخاص. او ـ على الاقل ـ تذكيرهم بان الوقت قد حان للتغيير.
وهي دعوات تمتزج بقدر من الاتهامات بوجود خلل يجب تصويبه. الامر الذي ينفيه المتضررون من هذا الحراك المهم.
ما لا بد من التاكيد عليه ان الدخان الذي يتسرب من اروقة اتحاد نقابات العمال، والذي يشير الى شبهات فساد قد يكون مصدره نار حقيقية. وبالتالي فمن المهم جدا ان يتم فتح تلك الملفات على نطاق واسع. وان يسمح للدخان ان ياخذ مداه في التسرب، وان يكشف عن جوانب من النار التي يتحدث عنها بعض القادة النقابيين.
ويتطلب هذا الامر ان تسعى الجهات الرسمية الى التخفيف من حدة " الرعاية الزائدة" للقيادات النقابية التي سيطرت على تلك المؤسسة لعقود عدة. والتي اثرت نتيجة لتلك الرعايات . وان يكون دعمها للنقابات وليس لاشخاص قياداتها.