آخر الأخبار

قبل 30 دقيقة ..
رونالدو ينفرد بقمة هدافي الدوري الاسباني، وهو بهذا يشبه حارسنا «عامر شفيع»، فهو ينفرد بصدارة المستهدفين، اذ جمع 5 في مباراة استرالية واحدة، الأمر الذي أخرج أحد الفيسبوكيين عن صمته الافتراضي، فكتب على صفحته كلاما عن شفيع، يلومه على غزارة محصوله من الأهداف في استراليا، فكتبت له تعليقا يعبر عن شدة اهتمامي بالقصة، قلت «بلكي هالزلمة كان زهقان وما بده يلعب.. عادي».
وقبل 30 دقيقة:
خبر عن عاصفة «برغش» تجتاح لبنان، وتحذيرات من استنشاق «البرغش»، البرغش لمن لا يعرف هو حشرات صغيرة وليست نوعا من أنواع الغاز، وهو يتكاثر في الربيع على هيئة أسراب، قد تجتمع كسحابة بحجم مظلة صغيرة فوق رؤوس البشر.
ترى ما الذي يشغل العقول في رؤوس البشر؟!
على فيس بوك ثمة بشر افتراضيون، وتجول في رؤوسهم أشياء تشبه الأفكار، لكنهم يكتبون عن جنازات، ويترحمون على الأموات، وتنهمر التعازي واللايكات .. النعي يتصدر أخبار العرب، ودوما لدي في ذاكرة «الماوس» عبارة (رحمه/ها) الله، وأحسن (مثواه/ها)..أقوم بلصقها، ولايك في الأعلى.. واسحب الصفحة.
لا يوجد وقت كاف لتقديم العزاء للجميع، فالمرحومون كثر، ولن أذكر آخر أخبار الذين غادرونا، فلا يمر يوم لا يموت فيه شخص نعرفه أو تربطنا بذويه علاقة، ولو كانت مهمتنا الرئيسية في هذه الحياة هي تقديم العزاء لمن نعرفهم، فلن تكفينا ال 24 ساعة يوميا، ولا موازنات تغطي مثل هذه الجهود.. الله يرحم الذين يموتون ويحسن مثواهم جميعا، وحبذا لو تترفقوا بذويهم..
وقبل كل الأوقات وأثنائها وبعدها، أعني ليس قبل 30 دقيقة ..
يموت الناس؛ وثمة «باصات كيا» كما أخبرني الدكتور صالح، يقول: باصات «كيا» تنقل بعض المعزين، الذين لا يذهبون إلى المقابر للتعزية، بل يستأجرون الباص، ويبحثون عن بيت العزاء، فيكونوا أول من يصل «ظهرا»، ويأخذوا أماكنهم على المقاعد، بانتظار «المناسف» ..
الله يكون بعون اهل الفقيد او الفقيدة، فبعضهم لا يملك أن يقدم الطعام لكل ركاب باصات «الكيا»، وتصبح مصيبته سلسلة من مصائب..
قبل 30 عاما؛ كان الناس في الاردن أقل مما هم عليه الآن، ولم يكن من السهولة بمكان اقناع أحدهم أن يذهب لتناول طعام في بيت عزاء، بل كانوا يتسابقون في تقديم الطعام لأهل المتوفى، أما اليوم؛ فلن أستغرب لو بادر بعض الناس بالاعلان مع خبر وفاة فقيدهم بأنهم «يعتذرون» عن تقبل العزاء، ويقولون :
شكرا ؛ واصلة، وشكّر الله سعيكم، وفروا ثمن البنزين أو أجرة باص الكيا، واذهبوا لبيوتكم واطبخوا «منسف جاج».. نحن غاية في السعادة ولسنا في حداد، شكرا لكم جميعا «حلوا عن سمانا وخلينا بحالنا»!.
وآخر الأخبار: لله در الحقد ما أعدله.. بدأ بصاحبه فقتله، ومن آخرها كذلك: فنانة زاهدة في «البوس»، وتصرح للاعلام : كبرنا ومش ناقصنا بوس.
آخر الأخبار لا تبعث سوى على الضجر، ومن الناس من يشربون مشروبات بذات الأسماء لكن بلا كحول، ولا أعلم ماذا يريدون بالضبط..!.
السدود والكؤوس والنفوس مترعة بماء فاتر يعلوه سرب من «برغش»، فاستحموا تحت شلال الأخبار.