مجلس النواب يبحث عن دور مفقود!...النائب بسام حدادين

اخبار البلد- يعيش مجلس النواب هذه الأيام بطالة مقنعة، فهو خارج التغطية كما يقال بلغة شركات الاتصالات؛ لا حضور له في المشهد السياسي المحلي الذي يشهد نقاشات وحوارات استراتيجية، ستفضي إلى رسم ملامح الأردن المستقبلي.
يحاول بعض أركان مجلس النواب الخروج من العزلة التي وضع المجلس نفسه فيها، من خلال زيارات للمحافظات من قبل المكتب الدائم ورؤساء اللجان والكتل النيابية والمستقلين، بالإضافة إلى نواب المحافظة. ولكم أن تتخيلوا كيف يمكن أن تكون مثل هذه اللقاءات منتجة ومفيدة، وأي شكل من الحوار يمكن أن يتم بين الجمهور وهذا العدد الكبير من النواب.
ما هكذا تورد السياسة ويتحقق الدور والحضور. قلنا في لقاء ضم أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب، استضافه بمبادرة كريمة الزميل عاطف الطراونة، النائب الأول لرئيس المجلس، أن على المكتب الدائم أن يدعو ممثلين عن الكتل النيابية ورؤساء اللجان لوضع خطة سياسية-إعلامية للتحرك على مختلف مستويات الدولة والمجتمع، للمشاركة والتأثير على مجريات الأحداث المتسارعة التي يمر فيها الوطن. وللأسف، فقد اختصر الأمر على جولات تفقدية(!!).
لا أدري مثلا كيف يقبل مجلس النواب أن يظل مهمشا عن كل ما يجري في لجنة الحوار الوطني التي كان حري بها أن لا توغل بتجاهل مجلس النواب، وأن تبحث عن قنوات مناسبة مع مكونات المجلس على مستوى الكتل النيابية على الأقل، لسماع رأيها ومحاورتها وتبادل الرأي معها في جلسات عصف ذهني غير رسمية. أما كان بالإمكان تكليف نفر من أعضاء لجنة الحوار لتقديم عروض عن مجريات الحوار داخل اللجنة وسماع الرأي فيما يدور؟
أليس من قلة الاحترام والاستخفاف بنواب الشعب أن يتلقى النواب اتصالات هاتفية من موظف درجة عاشرة يدعوهم فيها لحضور اللقاء المفتوح مع أعضاء لجنة الحوار الوطني في المحافظة؟ هل هذه طريقة مناسبة ولائقة لسماع رأي معشر النواب، وكأنهم بلا عنوان أو صفة دستورية؟!
يقولون للنواب تخديرا بأن مخرجات الحوارات الجارية في اللجان الإصلاحية مصيرها بين يدي النواب ليقولوا كلمتهم الفصل فيها. لكن الحقيقة المرة أنهم يتعاملون مع مجلس النواب بمنطق "تحصيل حاصل". وليس أدل على ذلك من اللغة التي يتحدث فيها عدد من خطباء لجنة الحوار الوطني عديمي الخبرة السياسية الذين يتحدثون في جولات المحافظات بلغة: قررنا اعتماد.. ولن يكون هناك.. الخ.
مجلس النواب يحتاج إلى أن يلملم نفسه وينظم صفوفه ويظهر إرادته السياسية. فبدل جولات المحافظات الحاشدة، لتكن لقاءات مع القطاعات المجتمعية على اختلافها من قبل اللجان المختصة بحضور رؤساء الكتل؛ وبدل تهافت الكتل لزيارة مديرية الأمن العام، فإن الأجدى دعوة مدير الأمن العام ومعاونيه إلى المجلس وتوجيه الأسئلة له عن دور جهاز الأمن العام، وإيصال الرسالة المبتغاة. والأجدى من زيارة لجنة فلسطين إلى العقبة واللقاء مع المفوضية، أن يدعى المفوضون إلى المجلس من اللجنة المختصة وتناقش من قبل المختصين واللجنة المختصة. ثم ما شأن لجنة فلسطين بمفوضية العقبة(!!) وكذلك اللجنة الإدارية؟
مجلس النواب يحتاج إلى قيادة سياسية جماعية، تضع خطة للتحرك والنشاط والعمل لكل لجان المجلس، وأن لا تترك اللجان تعمل بلا رقيب أو حسيب أو توجيه أو تدخل. ويحتاج المجلس إلى خطة إعلام شاملة ترفد جهده وتحقق التواصل مع المجتمع.
لجان المجلس ليست أجساما مستقلة عن إرادة المجلس تحدد أولوياتها وتقرر حركتها من دون ضوابط ومن دون رقابة وتوجيه سياسي.
يؤسفني أن أقول بأن مجلس النواب يعمل بطريقة بدائية غير منظمة وغير فاعلة وغير منتجة. ويعود السبب الرئيسي إلى النظام الداخلي المتخلف الذي ينظم ويحكم عمل مجلس النواب. ويكفي أن نتذكر أن مجلس النواب يعمل وفق أسس وقواعد عمرها أكثر من خمسين عاما.
من المحزن أن تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب على أسس عصرية حديثة مايزال لم يلق الاهتمام المطلوب لسببين: إما لعدم المعرفة بأهمية الإصلاحات، أو بسبب معرفة أهمية هذه الإصلاحات "وعند عمك طحنا"!