هل برنامج «التوجيهي» خلطة سحرية؟.. لماذا تعاند بعض المدارس الخاصة وتصر على المخالفة؟!

في دول مثل بريطانيا والجزائر قررت وزارة التربية والتعليم تعديل مواعيد امتحان الثانوية العامة «التوجيهي» في شهر رمضان المبارك حتى يتناسب مع الشهر الفضيل، والأوضاع الصحية والنفسية للطالب الصائم.
ففي لندن رأى المجلس المكلف بالإشراف على الامتحانات في بريطانيا تعديل مواعيد الامتحانات الرسمية لتزامنها مع شهر رمضان بالنسبة للطبلة المسلمين.
وقال المجلس في بيان: «ستحدد تواريخ الامتحانات في المواد الأساسية قبل شهر رمضان مع الانتباه إلى إمكانية أن تكون الامتحانات في الصباح أو بعد الظهر».
وقال مالكولم تروب نائب الأمين العام لجمعية مسؤولي المدارس والمعاهد، إن «المسؤولين عن المؤسسات التعليمية يرغبون في أن يكون الطلاب قادرين على صوم شهر رمضان من دون أن يكون لذلك انعكاسات سلبية على امتحاناتهم».
وقالت ماري بوستد رئيسة نقابة المعلمين: «نريد أن يكون الطلاب قادرين على إعطاء أفضل النتائج في الامتحانات التي تقرر مستقبلهم».
وقبل أيام أعلنت وزارة التربية والتعليم عندنا عن برنامج الثانوية العامة الأولي حتى تتيح لأولياء الأمور وللطلاب إبداء ملاحظاتهم حول البرنامج.
ومن أولى السلبيات التي تؤخذ على البرنامج أنه حدد موعد بدء الجلسة الأولى للامتحان الساعة الحادية عشرة، وهي ساعة متأخرة لبدء الامتحان في الصيف وفي رمضان أيضا، ومن الأفضل أن يجري الامتحان الساعة التاسعة صباحا مثلا حيث يكون الطالب متوقد الذهن، ولم تبدأ آثار الصيام في التأثير في قدرته على الإجابة، أو على أبعد تقدير تحديد الساعة العاشرة موعدا لبدء الامتحان.
وعلى ضوء تحديد موعد الجلسة الأولى الساعة الحادية عشرة فقد تقرر تحديد موعد الجلسة الثانية الساعة 1.30، وإذا أخذنا بالاعتبار أن مدة بعض الامتحانات هي ساعتان مع عشر دقائق إضافية، فإن الامتحان سينتهي الساعة الرابعة إلا ثلث، وإذا منحنا رئيس القاعة والمراقبين ربع ساعة لتغليف دفاتر الإجابات والقدوم إلى مبنى المديرية لتسليمها مغلفات الإجابات، فإن بعض القاعات ستسلم مغلفات الإجابات بحدود الساعة الرابعة والربع، هذا في حالة لم يكن هناك طالب من طلاب الحالات الخاصة الذي قررت الوزارة منحه وقتا إضافيا يوازي 50% من مدة الامتحان الأصلي.
وستعمل أقسام الامتحانات في المديريات على مسابقة الوقت لتسليم مغلفات الإجابات لإدارة الامتحانات قبل موعد الإفطار، وهذا الأمر مستحيل في مديريات التربية في الأطراف مثل العقبة ومعان مثلا التي سيكون على المشرفين على الامتحان مغادرة مواقعهم بحدود الساعة الرابعة والحضور إلى مبنى إدارة الامتحانات في جبل اللويبدة.
وملاحظة أخيرة، ما هو سر الجلسة الثانية؟! في بعض الأيام لا يوجد أي مبحث في الجلسة الثانية سوى مبحث واحد، مثلا في أحد أيام الامتحان هناك فقط مبحث التشريح لطلبة التعليم الصحي (الجلسة الثانية للطلبة غير مستكملي متطلبات النجاح) ولن يزيد عدد الطلاب المتقدمين لهذا المبحث على عشرة طلاب، وستكون كافة أجهزة الوزارة في انتظار الانتهاء من إجابة الأسئلة واستلام دفاتر الإجابات وتسليمها للوزارة؛ أي أن الوزارة بكامل طاقهما ستكون في انتظار هؤلاء الطلاب.
ولا أظن أنه لا يوجد حل للجلسة الثانية خاصة في الأيام التي لا يشارك فيها سوى أعداد قليلة من الطلبة في تخصصات لا إقبال كبير عليها مثل التعليم الصحي والشرعي والزراعي والفندقي.
وعلى هامش الامتحان، بات من الإنصاف إعادة النظر بمكافأة المراقبة على الامتحان خصوصا بعد تقليص أيام الامتحان، وأقلها احتساب العشر دقائق الإضافية ضمن المكافأة، وكذلك رفع مكافأة العاملين في أقسام الامتحانات عبر رفع المكافأة المحددة لهم على كل طالب يتم تسجيله في مديرياتهم، وأيضا مكافأة لجان تسليم مغلفات الأسئلة لرؤساء القاعات.
لقد نجحت الوزارة في تحقيق نتائج طيبة في إعادة الهيبة إلى امتحان الثانوية العامة، ونحن نساند الوزارة في التشدد في إجراء الامتحان، وفي تطبيق أسس وتعليمات امتحان «التوجيهي» بشكل صارم وحازم، بوصفه امتحانا وطنيا وجزء من صورة الدولة الأردنية.
......
في موضع مختلف لكنه ضمن سياق التربية والتعليم، نقف إلى جانب وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الذنيبات في خلاف الوزارة مع بعض المدارس الخاصة، خصوصا إذا علمنا أن المدارس التي تقود التصعيد وتحرض وسائل الإعلام والكتاب هي مدارس مخالفة بشكل صريح لا لبس فيه.
والمخالفة الأساسية هي تسجيل طلاب أكبر من قدرات المدرسة الاستيعابية ومن شروط الترخيص الممنوح لها؛ بهدف تحقيق الربح الفاحش على حساب الطالب نفسه، ففي إحدى المديريات مثلا هناك ما لا يقل عن ألف طالب من طلبة الثانوية العامة مسجلين في هذه المدارس المخالفة دون وجه حق.
في إحدى المدارس المعروفة جدا التي يمتلكها تربوي شهير، هناك ما لا يقل عن 400 طالب ثانوية عامة مسجلين زيادة على الترخيص، وإذا احتسبنا أن طالب الثانوية يدفع بحدود 4 آلاف دينار، فإن الدخل من هذه المخالفة الصريحة هو تقريبا مليون وستمائة ألف دينار، وهذه المبلغ ليس من حق المدرسة التي تسعى من خلال التصعيد إلى لي ذراع الوزارة عن طريق تطبيق سياسة الأمر الواقع، وضمن سياسة أن الوزارة في النهاية سترضخ وستقبل بتسجيل هؤلاء الطلاب حتى لا تدمر مستقبلهم.
وتعليمات الوزارة كانت واضحة في أن التوسع في قبول الطلاب يجب أن يكون ضمن شروط القانون، وهو توسع مرتبط بتوفير مرافق إضافية في المدرسة، وهو ما يتجنب أصحاب بعض المدارس تطبيقه حتى لا يدفعوا أية مصاريف حتى وإن كانت ستعود عليهم بالنفع مستقبلا.
والنقطة الأخرى في هذا الموضوع هي تهديد هذه المدارس برفع الرسوم الدراسية فيها دون أي مبرر، إذ لا توجد أية كلف أو مصاريف تقدمها هذه المدارس، فهي تتلقى ملايين الدنانير من الطلاب دون أن تقدم أي شيء يذكر، فالرواتب متدنية ولا يوجد في هذه المدارس أمن وظيفي، والمرافق المدرسية هي ذاتها لم يجر عليها أي تغيير، فأي مبرر لرفع الرسوم سوى طمع البعض في تحقيق أرباح إضافية دون أي مراعاة للظروف الاقتصادية الخانقة التي يمر بها معظم أولياء الأمور.