محامو المساعدة القانونية ... مسائلة بلا تكريم ؟؟

تقوم مؤسسات المجتمع المدني بتقديم المساعدة القانونية وفقا لانطباق المعايير لنظامها الداخلي حيث توفرها للفئات المهمشة التي تطلب الاستشارة القانونية والتمثيل القضائي وتعجز عن دفع اتعاب المحاماة كاللاجئين والأحداث وكبار السن وذوي الإحتياجات الخاصة منهم كمثال ؛ ويعتبر المستشارون القانونيون المتعاقدون مع مؤسسات العون القانوني هم وسيلة إيصال الفئات المستحقة للمحاكم الأردنية سعيا لتطبيق وتفعيل القانون المحلي ، وتنفذ المساعدة القانونية ضمن تشبيك مؤسسي مختص بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية منها بعد معاينة العوز القانوني والمادي والإختصاص من قبل الجهة المحولة والجهة المحول اليها . 
لقد حث الميثاق العربي لحقوق الإنسان على ان تكفل كل دولة عربية حق كل شخص بالمحاكمة العادلة مع توفير الإعانة العدلية لغير القادرين ماليا للدفاع عن حقوقهم الأساسية - م13منه - وان تكفل الدولة حق كل متهم بالإستعانة بمحام مجاني اذا تعذر عليه ذلك- م16 منه- . وتعتبر نقابة المحاميين الاردنيين عضو في اتحاد المحاميين العرب حيث اخذ الأخيرعلى عاتقه بالنص الصريح الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية فى الوطن العربى وتوفير الضمانات واحترام ودعم وحماية وتطبيق ونشر مبادئ وثقافة حقوق الإنسان المتضمنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وسائر الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات العامة .
وكما نص الدستور الاردني على أن المحاكم مفتوحة للجميع فقد تضمنت الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان التي اطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني في 19-3-2016 التاكيد على ضرورة توفير الحماية الجزائية لكل من تعرض للتوقيف وتوفير المساعدة القانونية وتعزيز سبل الوصول للعدالة واستحداث برامج ووحدات خاصة بالمساعدة القانونية إضافة لاصدار تشريعات خاصة بانشاء برامج المساعدة بالمؤسسات والوزارات والمحاكم .
الا ان المساعدة القانونية التي تقدمها مؤسسات المجتمع المدني وفقا لتقدير احصائي لا تغطي خمس الإحتياج الحقيقي لطالبي الوصول للعدالة امام غياب تفعيل نظام مساعدة قانونية وطني شامل مواكب للجهات القضائية والأمنية ؛ ورغم ان اقدم تشريع محلي اشار للمساعدة القضائية جاء في قانون نقابة المحاميين لعام 1972 الا انه لم يتم سن تشريعي للمساعدة القانونية في النقابة مع غياب المعلومة عن عدد الحالات المستفيدة من المساعدة القانونية منذ تاسيس النقابة ولغاية الآن .
لقد قام مجلس نقابة المحاميين في بداية شهر آذار للعام الحالي بتنظيم قائمة بأسماء عشرات المحاميين الاردنيين لغرض إنذارهم بوقف اي تعامل مع مراكز العون القانوني بكافة اشكاله ! كما توعد المجلس بإغلاق جمعيات المساعدة القضائية والتوعية القانونية رغم كونها مرخصة قانونيا من قبل الوزارات الاردنية بحجة تهديد ارزاق المحاميين تارة وبحجة التمويل الاجنبي تارة اخرى مع اعتقاد المجلس وجل من المحامين ان المساعدة القانونية حكر للنقابة دون غيرها.
لقد ابتعد المجلس بالنقابة عن منظومة المساعدة القانونية محليا وعربيا وحث محاميه على ترك النداء الوطني والعربي لمساندة حق الدفاع وتسييرعجلة العدالة للفئات المهمشة ؛ والناظر من قرب يجد ان المجلس منتخب يرضخ لضغوط الاصوات الملحة لبعض الناخبين بشكل ماس بحق الدفاع المقدس بما يتنافى و فحوى مهنة المحاماة وانسانيتها . 
ولا يدل ذلك إلا على انعزال المجلس عن الواقع الإقتصادي في المنطقة بسبب اختزاله مشكلة ارزاق المحامين في ملف المساعدة القانونية رغم علمه اليقيني ان ملف ارزاق المحامين لا يهدده تعطش المهمشين للعدالة بل يهدده تقصير النقابة في تامين عمل للمحاميين وتسهيل قروض السكن وضبط المعايير الدنيا للعقود الإستشارية وتنظيم التعاون القانوني في مختلف القطاعات لا سيما التجارية منها ؛عدى عن قصور في ادارة ملفات الإستثمار النقابي امام غياب خطة اقتصادية مستدامة تكرم عيش المحامي امام ارتفاع رسوم الاشتراك السنوي نسبيا.
إن اختزال مجلس النقابة لمنظومة المساعدة القضائية في ملف انتخابي هو امتناع صريح للمجلس عن اداء مهامه الأساسية و تراجع عن دوره في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان بين صفوف المحامين ؛ وهو انصراف بالنقابة عن متابعة الملفات الوطنية القانونية ومساندة دور العدالة وفقا للشرعة الدولية والعربية والمحلية ، ولا يعكس ادراج محاميها في قائمة التنبيه – للاسف - الا سياسة الإقصاء والإدانة بدل الجذب والإدماج ، وكان حري بالمجلس دعوة ذوي الخبرة بالعون القانوني لمواجهة الدورالنقابي امام الاحتياجات الوطنية ومأسسة مساعدة نقابية تفوق اي منافس لابل وتقود منظومة المساعدة الوطنية .
إن محامي المساعدة القانونية تجذروا على العطاء واستقوا حب الوطن ولن يتوانوا عن تقديم خبراتهم لماسسة مساعدة قانونية في نقابتهم مع ثقتهم بان مجلس النقابة قادرعلى مواجهة ملفات النقابة بشمولية واتزان .
بقلم الناشطة في حقوق الانسان المحامية مرام المغالسه