نياله المتمسح..

في زمن أصبحت كلمة سره هي التغيير، يتمسك بعضهم بتغييب وتزييف الإرادة وبالتزوير ..ويتلون على مسامعنا «حد الطرم» آيات الوطنية والنزاهة بمختلف أشكال التعبير..و»نيالك يا الأطرم».
أعرف؛ وسمعت قصصا قديمة عن مزورين، قام بعضهم بتشويه نفسه خلقيا، ومنهم من زور اسم أمه ليتفلت من خدمة «التجنيد الإجباري» آنذاك، وهذا ضرب من التزوير، وربما لن نستغرب ولن نستشرق لو رأينا المتفلت من الخدمة يتحدث اعتزازا برجولة الميادين العسكرية، وتعزيزا للروح الوطنية وللعدالة والكرامة واحترام القانون والشفافية وال «ادحيّة».. كلهم يمتطون المثل العليا بينما هم زيفوها، وقطعوا مسافات طويلة ابتعادا عن أبسط مفاهيمها .. وتجد من يقول عنهم حسدا : نيالك يا الأزعر!.
وعجيب؛ أن نتحدث عن الرجال المناسبين في الأماكن المناسبة، وعن التنافس بين الناس على أساس الكفاءات والامكانيات، ونسمع عن مقابلات الـ»انترفيو»، وهي حاسمة؛ تغرق في شفافية مشبعة بالقيم المؤسسية والمساءلة والرقابة، ونفحات نورانية من عدالة هبت على القوم، وداهمتهم حين غرة، فتتمخض دوما عن تعيينات في مواقع قيادية، ولا أتحدث عن قيادات الصف الأول «حكومات و وزراء»، فهؤلاء من مسؤولية الشعب كله حسب الدستور الأردني، الذي جعل أمر الثقة في الحكومات وفي أعضائها الوزراء بيد نواب الشعب، فهم من يقبلونهم لإدارة الشأن العام أو يرفضونهم بحجب الثقة.. ترى عمن أتحدث؟!.أعني :عمن أتحدث وأتحدث !.
الزمن الذي حددنا فيه عمرا دستوريا للحكومات، لم نتحدث فيه عن الأمناء العامين مثلا، ولا عن المديرين العامين لبعض المؤسسات التابعة لرئاسة الوزراء أو للوزرات، وتم نسيان هذه القيادات، بعد أن تم توريطنا بمقولة «المقابلات الشفافة العادلة»، والتي تمخضت عن تعيين بعضهم في بعض هذه المواقع القيادية، فأجرينا مقابلة لمرة واحدة ثم تعيين لأحدهم ، ثم طي صفحة هذه الوظيفة وصفحة ذلك المحظي المحظوظ ليصبح مديرا وأمينا عاما لوزارة وإلى الأبد، فهل أضفنا «تابو» جديدا على منظومة «التابوهات» والخطوط الحمراء التي نعرفها، ونحذر من أن نقترف جريمة الحديث عنها؟
أعرف بعض المسؤولين؛ لا يصلحون لدخول تلك المؤسسات كزوار او مراجعين، لكنهم مضى على وجودهم سنوات طويلة، ولا يتجرأ أحد على فتح موضوعهم لا في إعلام ولا في مجالس لجهات رقابية، بينما نفتح مزادات مستمرة بشأن وظائف قيادية أكاديمية مثلا، كرئاسات الجامعات، ويكاد الحديث التقدمي التطويري المؤسسي لا ينقطع عن «تغيير آليات» اختيارهم أو اختبارهم، حتى بات في حكم البديهي أن يجب تغييرهم حتى لو كانوا متميزين في أدائهم، وهذا مثال يبعث على العجب حد الفزع حين نفكر بمؤسسات أخرى، تتصل بشكل مباشر بشأن عام أو بشأن استراتيجي، يقودها قياديون وهبناهم هذا الوصف، منذ أن تجاوزوا تلك «الانترفيو» لاختيار واحد من مرشحين كثر لهذا الموقع، ولا حديث عن توقيتات لمكوثهم هناك، ولا يمكن بالطبع أن نتوقع شيئا بشأن «تغيير آليات» وتطويرها وتهذيبها، وتغييرها لتصبح أكثر واقعية وشفافية وقانونية..
«شيلوهم» أولا؛ ثم حددوا مواقيت لخلفائهم، وحددوا «آليات» قانونية وعقلانية لاختيارهم، وذلك إن كانت هذه المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية مهمة حقا، وتقوم بدور محوري في خدمة الشأن العام، لكن إن كانت مجرد «محاصصات» وتخصيصات وتمييزا لمخلوقات عن غيرهم، فدعوا عنكم مقولة العدالة والنزاهة والشفافية وتحللوا من أعبائها، وأعباء الحديث «غزلا» فيها وعنها.
أقسم بالله إنا قرفنا هالقصص..و»نياله المتمسح».
- See more at: http://www.addustour.com/17907/%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%87+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%85%D8%B3%D8%AD...html#sthash.BOuunNc7.dpuf