الحصة السابعة

حتى اللحظة، وبعد انقضاء أكثر من ربع قرن على الانتهاء من المدرسة، لم أر في حياتي أسوأ من توقيت الحصة السابعة، فلا أنت «عارف حالك مروّح» ولا أنت «عارف حالك مداوم». الصفوف فارغة ، الهواء يغلق الأبواب بغضب الآذن يتفلّت، وكل خمس دقائق ينظر الى الصف ليتأكد من خلوّه، يلعب في قلادة المفاتيح ذهاباً واياباً في محاولة مؤدبة لطردنا..

إدارات المدارس كانت تعي أن الطلاب في الحصة السابعة تنسحب لديهم المهارات التفكيرية لصالح المهارات اليدوية والبدنية ..لذا غالباً ما تترك الحصة السابعة «فن» أو «مهني» أو «رياضة»..في هذه الحصة ينشغل الطلاب في صناعة صواريخ الورق واستخدام قشر «الترمس» كراجمات «للمغيطة» في مهاجمة النيام من الشقة الثانية من الصف او الحفر على الدروج..يقتلون الوقت ويقتلهم الوقت منتظرين بملل وترقب كلمة المعلم «يا الله روحوا»...فيحملون حقائبهم ويغادروا بسرعة الصوت..
أشعر أن مجلس النواب يعيش هذه الأيام، أجواء الحصة السابعة ، فلا هو «عارف حاله مروّح»..ولا «عارف حاله مداوم»..يتعامل مع القوانين التي بين يديه بملل تام ، وتمر جلسات الرقابة باردة والحوارات فاترة بلا حماسة ، ينشغلون من باب التسلية بإطلاق تصريحات لكنها من ورق او يستخدمون اللغة المطاطة في رمي الانتقادات ومناكفة الحكومة أيضا من باب التسلية..ينتظرون بترقب و»فرفطة» كلمة «يا الله روحوا»..
انا برأيي بما انه التشريع « الله جبر» والرقابة «ما ينعزّ»..ان يشغل النواب حصتّهم الأخيرة من هذا المجلس بالرياضة...الطاولات بحاجة إلى إعادة ترتيب بسيط وتصبح ملائمة جداً للبلياردو..أو أن تبقى كما هي ؛ فهي مناسبة جداً لطاولة الزهر..وبإمكانهم ان يمارسوا رياضة جديدة تماماً عليهم أثناء الحصة السابعة من المجلس السابع عشر..وهي الرياضة الروحية...ان يقفوا على المنصات التي كانوا يقفون عليها طيلة السنوات التي مضت، يتأملون أخطاءهم ، ان يطلبوا بجلسات حية ومباشرة المسامحة من الشعب على قدر المرات التي خذلوا بها آمال الشعب وخيبوا فيها ظن الشعب ، وتهاونوا بحقوق الشعب..من خلال هذه الرياضة يستطيعون ان يخلوا مع أنفسهم في الدقائق الأخيرة من الساعات الأخيرة من الأيام الأخيرة..يراجعوا ماذا قدّموا وماذا لم يقدّموا ..اخلوا مع انفسكم قليلاً حتى تروحوا .
غطيني يا كرمة العلي