لا للتدخين


كان قرار الحكومة بمنع التدخين في الاماكن العامة وتغليظ العقوبة على المخالفين قراراً راشداً , فممارسة التدخين بين الشباب والشابات وحتى بين الاطفال اصبحت ظاهرة اجتماعية ومشهداً عادياً ، وسكوت الأهل بداعي مراعاة الحرية الشخصية يعتبر خرقاً لأدنى مستويات التربية والتوجيه والصحة العامة , واصبح الاباء المدخنين للاسف نماذجاً سلبية لابنائهم , فغالبية ابناء المدخنين يدخنون , وحتى اذا لم يتعلم الابن التدخين فهو مدخن سلبي بطبيعة الحال بسبب تدخين الآباء داخل منازلهم بدون مراعاة لأطفالهم المتواجدين معهم في نفس المكان ، فهم شركاء في السموم التي يتجرعها رب الأسرة جراء التدخين , كذلك التدخين في الأماكن العامة وبدون رادع، رغم ما صدر عن الحكومة من قرارات سابقة بمنع التدخين في الأماكن العامة ، ولكن بدون إجراءات تنفيذية لهذه القرارات . وللأسف تجد الموظفين وحتى المسؤولين في الدوائر والمؤسسات والمرافق العامة نماذج تحفيزية للتدخين , فالموظف يخاطبك والسيجارة في فمه , وسائق الحافلة كذلك ، وبعض المدرسين للأسف وهم النماذج التي يجب أن تكون مسلكياتهم قدوة للطلبة , تجدهم يدخنون في الاستراحات مابين الحصص ، حتى العاملون في القطاع الصحي من عيادات ومستشفيات للأسف يدخنون
والأشد وطأة من كل هذا إنه يتم الترخيص لمقاهي تقدم الأراجيل لروادها من الرجال والنساء , فقد أصبحت النساء تلتقي في مقاهي الأراجيل، وبات هذا المشهد طبيعياً جدا ً، ويعتبر مظهراً تقدمياً إنفتاحياً وحضارياً في مجتمعنا الأردني للأسف الشديد.
لذا جاء هذا القرار الذي نأمل ان يطبق بحزم في اوانة , وذلك لتفشي ظاهرة التدخين في مجتمعنا بشكل مؤرق ولما تشكله هذه الافة من خطورة على أبناءنا وبناتنا وبالتالي على المجتمع برمته ، وما لهذه الآفة من تبعات على غير المدخنين ، والذين أصبحوا في غالبيتهم مدخنين قسريين ، لأنه لم يعد هناك مكان أنت فيه بمأمن من التدخين ، وتعلمون أن الأموال التي تنفق على التدخين تتجاوز ميزانيات كثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية ، وما يدفع من خزينة الدولة لعلاج تبعات التدخين على المواطن تقارب هذه النسبة أيضاً , وتقدر احدث دراسة لوزارة الصحة ان خسائر الاردن السنوية جراء التدخين تصل الى اكثر من مليار دينار , استهلاكاً للدخان وعلاجاً للمدخنين الذين يصابون بالامراض , واهمها امراض السرطان التي يعد التدخين مسؤولا عن الاصابة بنحو25 نوعاً منها . وتؤكد ان معدلات التدخين في المملكة هي الأعلى عربيا و أن نسبة مدخني السجائر فوق سن 18 عاماً في الأردن بلغت 29%ونسبة مدخني السجائر في الفئة العمرية من 13–15 سنة بلغت 13.6 % ونسبة النساء اللواتي يدخنّ النارجيلة بلغت 12% مقابل 10 % للرجال ,وتشير الدراسة الى أن التعرض للتدخين السلبي يزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب والسرطان بنسبة 30% ويتعرض الطفل لتدخين سيجارة واحدة من بين أربع سجائر تدخن إلى جانبه , وتتوقع منظمة الصحة العالمية ان يصل العبء الاقتصادي لمعالجة السرطان بسبب التدخين عالميا بين (1,5-1,9) تريليون
دولار, لذا كلنا امل ان يشارك الجميع في تنفيذ القرار, وان لا يستثنى احد من العقوبة المقررة في حال المخالفة لما فيه الصالح العام , فالى متى السكوت على تفشي هذه الافة والتي لا تقل ضرراً عن آفة تعاطي المخدرات سواءً في انعكاساتها الصحية او المالية على مجتمعنا .