إضراب الأطباء.. الصوت العالي والخصم الخطأ

العمالة للصهيونية العالمية هي التهمة الوحيدة التي نسي بعض الاطباء الذين أغضبهم مقالي حول إضرابهم أن يلصقوها بي , فمن سيل الشتائم الذي وصلني كان أخف ما فيه ما كتبه أحد أعضاء مجلس نقابة الاطباء واصفا من يخالفون نقابته الرأي بأنهم ( كتاب الريموت ) وهي على كل حال تهمة أخف بلاء من طبيب يعمل في مستشفى حكومي ويتقاضى من المال العام ظلما ما مجموعه الفين وسبعماية دينار شهريا ضمنها بدل حوافز رغم أنه يقضي معظم وقت الدوام الرسمي في النقابة ولا يعمل للوزارة شيئا .

 

لا أكاد أصدق مستوى الارهاب الفكري الذي يواجهه كل من كتب أو سيكتب معترضا على إضراب الاطباء فهو عميل للحكومة باع ضميره مقابل دنانير قليلة ليشهر قلمه ضد قضية وطنية يرى أن الشعب يقف وراءها بالاجماع باستثناء عملاء الحكومة أمثالي ,, شهروا بنا على مواقع التواصل الاجتماعي وقذفونا بأقذع العبارات وكأننا أصحاب القرار في حجب زيادات رواتب مجزية عنهم كانت الحكومة على وشك صرفها لولا اعتراض كاتب بمقال في صحيفة يومية , وبالطبع كان هناك من الاطباء قلة تمتعوا بموضوعية في الحوار وناقشوا الرأي برأي والحجة بحجة .

 

واستكمالا لما سبق في مسألة أضراب الاطباء فانني أتساءل لماذا ينفذ الاطباء العاملون في وزارة الصحة اضرابا عن العمل ولا يفعل مثلهم الاطباء الذين يجري استغلال عرقهم وعلمهم في القطاع الخاص ؟؟

 

لماذا تساند نقابة الاطباء اضراب أطباء وزارة الصحة ولا تدعو الاطباء المظلومين في القطاع الخاص الى الاضراب ؟؟

 

نعلم أن الغالبية الساحقة من الاطباء هم ( الاطباء العامون ) حيث فهمنا أن هذه الفئة وبعد تكاليف الدراسة الباهظة فانهم يعملون بالفتات وقالوا لنا أن الطبيب العام وبعد دراسة ستة أعوام بالاضافة الى فترة الامتياز يتكلف أكثر من خمسين الف دينار ليبدأ العمل براتب لايتجاوز 340 دينارا , وقد أسقط في يدي وشعرت بحرج حينما واجهني أطباء كثر بهذا الرقم , بل واتهموا وزير الصحة بتزوير الحقيقة حين صرح بأن راتب الطبيب العام الاجمالي حديث التعيين يتجاوز ستماية دينار , ليتبين لي أن الوزير صادق فيما قال والاخرون هم من أخفوا الحقائق .

 

وتبين لي أن راتب الطبيب العام حديث التعيين في وزارة الصحة أعلى بمائة الى مائتي دينار شهريا من راتب زميله المعين في القطاع الخاص .

 

وفي اطار السعي نحو الحقيقة توصلت الى كشف رسمي يبين تفاصيل وأجمالي المبلغ الذي يقبضه طبيب عام تم تعيينه بتاريخ 5/9/2010 فكان 684 دينارا , وطبيب أسنان تم تعيينه بتاريخ 1/6/2010 يقبض مبلغا أجماليا مقداره 654 دينارا , ولدي بنود الراتب والعلاوات والحوافز .

 

بالمقابل فان الطبيب العام يجري تعيينه في المستشفيات الخاصة الكبرى المعروفة براتب أجمالي يتراوح بين 350 – 450 دينارا فقط ومن لا يصدق فليسأل أصحاب المستشفيات الخاصة .

 

اذن فان الخصم الاول لنقابة الاطباء فيما ينوب الاطباء من ظلم وتقتير في الراتب هو مستشفيات القطاع الخاص , وهم من ينبغي أن تدعو النقابة أطباءها لأعلان الاضراب عن العمل فيها الى حين الحصول على زيادة عادلة على الرواتب , غير ان ما يبدو أن هناك من لايجرؤ على مواجهة المستشفيات الخاصة القادرة على معاقبة من يرفع صوته حتى لو كان من كبار الاطباء فيكفي مقاطعة عملياته الجراحية في المستشفيات ليرضح ويعلن التوبة , أما وزارة الصحة فانهم يرونها الطرف الاضعف في المعادلة في موسم الاعتصامات والاضرابات .

 

نقول مرة أخرى أن راتب الطبيب حتى لو ابتدأ بالف دينار فهو قليل بالقياس الى الجهد العلمي وسنوات الدراسة وكلفتها وحجم العمل ونطالب القطاع الخاص بوقف الاستغلال الذي يمارس على الاطباء في مستشفياته ونطالب الحكومة بالاسراع في تحسين رواتب الاطباء ضمن تصويب الاختلالات في الهيكل الوظيفي لموظفي الدولة , ونقول مرة أخرى أننا مع التظلم والمطالبة ومع احترام القانون الذي يمنع على الموظف العام الاضراب عن العمل , ولكنه يجيزه للأطباء العاملين في القطاع الخاص فلتبحث نقابة الاطباء عن الخصم الحقيقي والظلم الحقيقي هناك .