شراكة أردنيذة روسية
أكثر من نصف قرن , والعلاقات الاردنيّة الروسية مستمرة ومتجذّرة , بالرغم من الأحداث التي تعصف بالمنطقة والعالم , والتي تجعل من هذه العلاقات عرضة للفتور أحيانا , تعيد ألقها الزيارات المتبادلة بين قيادتي الدولتين و والتي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين , والرئيس بوتين , والعلاقات تأخذ منحى ايجابيا من أجل تعميق التعاون في شتّى المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية وغيرها . ويتضّح أنّ المواقف في الشؤون الدولية الرئيسية واحدة , مما يزيد من التعاون بين البلدين , وعلى الرغم من تواضع حجم التبادل التجاري بين الاردن وروسيا , الاّ أن بوادر التعاون في مجال استيراد الغاز الطبيعي من روسيا الى الاردن بأسعار تفضيلية , والذي أعلن عنه مؤخرا , يبشّر بخير , ويخفف على الاردن أعباء مالية كبيرة تصرف على الطاقة , اذ أنّ روسيا تصدّر الغاز الى دول اوروبا وبعض دول آسيا , وهي تعدّ أكبر منتج للغاز في العالم.
بالإضافة الى ذلك , التعاون الاردني الروسي يمكن أن يكون كبيرا في مجالات كثيرة منها , تطوير وبناء شبكة السكك الحديديّة الاردنيّة , , اذ أنّ دول الاتحاد السوفييتي السابق , وروسيا حاليا فيها أطول شبكة سكّة حديد , وهي شبكة متطوّرة جدا , ويمكن الافادة من الخبرات الروسيّة العريقة في بناء القطارات فوق الارض وتحت الارض , اي قطار الانفاق , حيث أنّ العاصمة عمّان لا يمكن أن تتحمّل المزيد من الاختناقات المروريّة , مهما وجد من حلول كالجسور العلوية والسفلية وغيرها , والضرورة تقتضي بناء خطّ أو خطّين من محطّات قطار الانفاق يربط ما بين الزرقاء وصويلح أو حتّى تصل الى السلط , وخطّ آخر بين جنوب وشمال العاصمة , مما يخفف من ازمة السير الخانقة , والاستثمار الروسي في هذا المجال مفيد للدولتين , ويعتبر من المشاريع الريادية والمطلوبة .
ومن المجالات الاخرى التي لا تقلّ أهمية في توثيق العلاقات بين البلدين , التعاون في مجال الطاقة النوويّة , حيث أنّ المفاعل النووي الاردني , سيبنى باستثمار مشترك و بخبرات روسيّة , وأيضا انشاء معاهد تقنية , تخرّج حاملي شهادات الدبلوم بالمستوى الفنّي , اذ أنّ الاردن أحوج ما يكون الى فنيين مهرة يستطيعون العمل في المجالات المتوفرّة فيها اعمال تقنية , وهي أكثر بكثير من الاعمال التي تحتاج الى الشهادة الجامعية الأولى , ويمكن ايضا التعاون في استكشاف الثروات الطبيعية المخزونة في الارض الاردنية , واستقطاب السيّاح الروس لزيارة الاردن والاستمتاع بالأماكن السياحية فيه , وتصدير الخضراوات والفواكه الاردنية الى روسيا . ولا شكّ أن التعاون العسكري والذي تمّ بموجبة الاتفاق على انشاء بعض الصناعات العسكرية الروسيّة في الاردن وتسويقها , شاهد على امكانية تطوير التعاون بين البلدين .
بلغ عدد خريجي الاتحاد السوفييتي السابق وروسيا من الطلبة الاردنيين , أكثر من عشرين الفا في مختلف التخصصات الطبية والهندسية والانسانية , وهم الآن يعملون في الاردن ويساهمون في عمليّة البناء والاعمار لبلدهم , ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك , وكثير منهم حصلوا على المقاعد الدراسيّة , عن طريق المنح , التي يزداد عددها كلّ عام , وبالمقابل يأتي طلبة روس ليدرسوا في الجامعات الاردنيّة , والطلبة سفراء لبلدانهم , ينقلون منها واليها عاداتهم وتقاليدهم وعلمهم . كلّ ذلك يدلّ على أن العلاقات بين روسيا والاردن وطيدة , ولعلّ المشاريع المشتركة الكثيرة تؤسس لشراكة اردنيّة روسيّة وطيدة في كلّ المجالات .