بطاقة سفر


الثانية عشرة تماما..تتطلع بهدوء الغارق فوق سطور الورق،ما اضيق الصدر بالكلمات..تنهدت هواء عطر ثم جلست ..كانت تبحث عن مسافة من الحرية و الخصوصية دون تطفل .
و بعيدا عن اعين الناس إنما بينهم بدأت تراقب تلك الاقدام التي تمر امامها ..كانها تراقب خطوات مرت فيها او بها لا فرق احيانا بين ما يمر بين جوانحنا فيفصلنا بين الحقيقة و الخيال حتى تتوه الصور و تتداخل المعاني
ماذا اذا احببنا و حلقنا بين اسلاك الشمس و اهدينا ابتسامة الى القلب ..ماذا لو غردنا ثم كان الاحتراق لنعود بحقيقة جديدة تضيف لمعة لمعنى هذا الكون فحقيقة الاشياء لا تثبت على وزن واحد كما نعتقد و مايفرحنا اليوم قد يبكينا غدا...
اعماقنا يحولها الوقت الى دهاليز سرية و صناديق مغلقه قد نفقد نحن حتى القدرة على فتح اسرارها و يضيع منا كل شيء في سراديب الروح العنيدة.
دارت بها الخطوات البطيئة فتذكرت بطأنا عندما نمشي لما لا نحب و لا نملك قوة رفض..فكل الاشياء مقدرة.
دارت بها الخطوات السريعة ..و تذكرت كم مرة ندمت و هي تتلهف لتنبض على رمال شاطئ ليله صيفية ان خلت من كل شيء ما خلت من النجوم التي تندف مطرا مضيئا في لحظة عشق ربما ظنت انها كانت ابدية!
لا تريد أن تصدق و لا تريد ان تستسلم لطعم شقاء الابتسامة بين صخور الشوق...كأن كل الاشياء تشابهت او ربما هي اصبحت تشبه تلك الاشياء التي تمخر عباب العقل و المنطق..كل الوجوه هي..حين لا وجه إلتقته حقا كان يشبهها ( كلما ظننا أننا أخيرا أقمنا حوارا معتّقا مع أحدهم كان ليس إلّا هامش أمنية على باب محبرة).
عاشقة تنصت للصمت في سفر الحزن حين يكون الصمت استماع...حرة تسبح بحنان نحو أي نسيان..إنما شمعة واحدة داخل كوخ صغير قد تأسرها كما قد لا يعتقد احد!!!
أيقظتها صافرة القطار من سرحة داخل هوامش الأنين- أخرجت بطاقة السفر و اختصرت الحوار- و صار كل شيء بلحظة شاهد على مخاوفها.
رن الهاتف المشحون بالحياة و توقفت مواكب الفكر بينه و بينها،كأنه صوت قادم من عصور الحب المنتهية فلا شيء يتبقى إلا أصوات ثرثرة المدينة و أبواق السيارات.
فهمست بدعاء منجد مسكون بالأمل و حملت حقيبتها و تركت المقعد مسكون بلهفة العناق،طمرت الآه تحت جلدها..و بابتسامة تقتل الألم قطفت من قوتها حياة..و اسرعت.
صوت المُنادي الشرس و التنبيه الاخير للركوب،ركضت ثم تسللت الى قوقعتها وهي مطعونة بكلمة لماذا؟
الثانية عشرة تماما،و لفحتها نوافذ السفر طول الطريق عاشقة حرة تغرد كموجة مجروحة.