الوضع صامت ومغلق حاليا


عدم الثقة بالحكومة يظهر دائما في استطلاعات الرأي العام وتتفاوت نسبتها بين واحد واخر بما يعكس عدم الرضا، وفي غالب الاحوال يكون التذمر من الاجراءات الحكومية وسياساتها على ظاهر الناس ويعبرون عنه كل بطريقته، وامر عدم الثقة العامة بالحكومات قديم ويعود للعهود الاولى وقد وصل الحال الى عدم تصديقها بأمر واتهامها بالكذب حتى في النشرات الجوية.

ولا يختلف الوضع كثيرا لجهة مجلس النواب ايضا وندر الحديث دائما عن مجالس قوية او ما يمثل الشعب فعلا، ولقد كان ربط اعمال السلطتين التنفيذية والتشريعة يفضي دائما الى مخرجات تخلوا من الالتفاف حولها وبجملها لا تكون شعبية او مثيرة للاعجاب بقدر ما تحاط بالشك عموما. وكان طبيعيا طوال الوقت ان تسود علاقات مشحونة او مشوبة بالحذر وعدم التبادلية بين كل ما هو حكومي رسمي وما هو مدني شعبي، ورغم كل ذلك لم ينتج الامر معارضة جدية من اي نوع وانما اغلبية وصفت بالصامتة هي ما زالت كذلك.

التركيب العام للدولة هو نفسه عمليا منذ التأسيس ويقوم على سياسة التعيين وتقريب نخب بعينها اضافة لمحاصصات في مجمل القطاعات وكذلك التحكم والسيطرة على مجمل المؤسسات، وهو في الجانب الاقتصادي تنقل مرارا ويستقر الان على نمط مشوه في السوق وتلقي المساعدات والقروض، واكثر ما يميزه الجوانب الامنية والعسكرية التي يمكن القول عنها انها القطاعات الوحيدة التي تشهد تطورا واهتمامات حقيقية.

في عام 1989 اعيدت الحياة النيابية وكان الظن كبيرا ببناء جديد للدولة على اساس النهج الديمقراطي يفضي الى تداول السلطة، وبعد اكثر من ربع قرن على ذلك يقف الجميع امام انفسهم على ذات الوجه دونما تغير جدي في بناء الدولة، فالحكومات ما زالت تعين، ومجالس النواب دون اغلبية واقلية، وواقع الاحزاب مثير للشفقة، وليس هناك معارضة من اي مستوى يمكن لها ان تكون مؤثرة لانها تمنع كلما اطلت برأسها، فعن اي انتخابات نيابية يتحدثون طالما سيكون الحال نفسه بعدها ان لم يكن اسوأ قليلا .