كارثة الدراما الأردنية في مسلسل

تعد الدراما التلفزيونية وسيلة مهمة من وسائل الاتصال التي يمكن استخدامها لبيان وتفسير التفاعلات والعلاقات المتغيرة، في مجالات كثيرة بغرض التوجيه والإرشاد والتثقيف إلى جانب تعديل السلوك والتنشئة الاجتماعية والترفيه، وتبدو المعالجة الدرامية عبارة عن سرد تفصيلي لملخص الفكرة الرئيسية، بغرض التقاط المناطق المظلمة في الحياة الاجتماعية وتسليط الضوء عليها، بما يضمن معالجتها. 

 
ولكن مسلسل "نصف الجانب الآخر" اتخذ طريقاً مغايراً، ومنحناً كارثياً غير متوقع، ولعل أول ملامح الكارثة في "نصف الجانب الآخر" افتقاره في معظم حلقاته إلى المنطق الدرامي، وعناصر الحبكة الدرامية الرئيسية، والكارثة الأعظم العلاقة بين النص والواقع الذي يتصدى له أو يعالجه، أي أن الكارثة مزدوجة الأولى كارثة فكر، والثانية كارثة فن، ومن هنا يبدو أن المسلسل بعيداً تماماً عن جوهر الدراما التلفزيونية المحلية في سياقها الطبيعي عند مستوى الفكرة والمعالجة وطريقة السرد التفصيلي للأحداث بلغة خاصة، بحيث تستطيع أن تجذب عين وعقل المتلقي نحو معالجة علميّة صحيحة، لأن النص مستورد ومأخوذ عن الرواية الأمريكية " الجزيرة المغلقة" للمؤلف دينيس ليهان، وتم إسقاطه على الواقع العربي والأردني تحديداً، أي أن المسلسل يتخذ فكرته من الرواية الأمريكية ويستمد السيناريو من الفيلم العالمي شاتر آيلاند للمخرج مارتن سكورسيزي، دون أن ينفصل عنه أو أن يتخذ منحنى خاص في أحداثه

وهنا تكمن الكارثة الفنية، لكون العمل لا يتواءم مع المجتمع المحلي ويتطرق بصورة تفصيلية عن القصة الشهيرة التي جاء الفيلم عنها، والتي تدور حول السيكودراما أو الدراما النفسية، وهو تكتيك علمي أمريكي مبني على أسس علمية بحتة ومعتبرة ومعمول به منذ الأربعينيات، والتي هي بطبيعتها جديدة على الدراما الأردنية التلفزيونية، وفكرتها صعبة التنفيذ، لعدم ارتكازها على أسس علمية وفنية بحتة، إضافة إلى عدم وجود أي ترابط يذكر بين الفنان والعمل الفني والمحتوى، كما أن السمة الغالبة في العمل الفني تنطلق في بداياتها على أنها علاجية بحتة إلا أن نهاياتها مغايرة تماماً لهذا الزعم، وتدعو بطريقة مبطنّة إلى تحركات تحريضية والتمرد والثورة على ما هو سائد من العادات والتقاليد وغيرها والتي تمثل عناصر ضغط على الشخصيات وتدفع بها إلى اتخاذ مواقف مضادة. 
 
والسيكودراما علمياً شكل من أشكال العلاج النفسي الذي يستخدم التمثيل لمعاونة العميل "المريض" في حل مشكلاته عن طريق المساعدة التي يقدمها الموجه، بحيث يجسد المريض المواقف والعلاقات التي تشكل بالنسبة له أسباباً لاضطراب سلوكه. 
 
يذكر أن مسلسل "نصف الجانب الآخر" يقع في 30 حلقة، من سيناريو وإخراج رولا حجة وهو أول تجربة إخراجية لها في نطاق العمل الدرامي، وهو من إنتاج مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، وبتكلفة إنتاج بلغت قيمتها 233 ألف دينار أردني، وسيتم تصوير مشاهده في مدينتي عمان والعقبة ولمدة 52 يوماً، بدءاً من الأسبوع الحالي ومن المقرر أن يتم عرضه في شهر رمضان 2016.