عن لصوص الأوطان وطلبات تعديل «المناهج»

في تصريح ينم عن تدخل فج في الشؤون الداخلية وخلط للأوراق، برر السفير الإسرائيلي في القاهرة أخيراً كراهية المصريين للإسرائيليين بمحتوى المناهج الدراسية، مطالباً بتعديلها. ومنذ أيام انطلق محرر في جريدة «هآرتس» ينتقد محتوى خارطة تُدرس لتلاميذ الصف السابع أغفلت حدود دولة إسرائيل ولقنت التلاميذ وغرست في نفوسهم خريطة «أرض إسرائيل الكاملة»، متجاهلة قطاع غزة ومدناً في الضفة الغربية، بل مدناً فلسطينية داخل الخط الأخضر، فيما أشارت بوضوح إلى مستوطنات لا يتجاوز عدد سكانها 6000 نسمة.

 

 

وبداية، نود أن نشير إلى أن مناهج التعليم في إسرائيل لا تروج فقط للأكاذيب، بل تحض كذلك على العنف، وهو أحد أسباب ارتفاع معدلات العنف في المدارس الإسرائيلية وفشل الحكومة في الحد منها، على رغم صدور توجيهات وتنبيهات متكررة من وزارة التعليم للمدارس في هذا الشأن. ثم إن مصطلح «أرض إسرائيل الكبرى أو الكاملة»، مصطلح غير محدد المعالم ومطَّاط، والمصادر الدينية اليهودية ذاتها تتخبط في المقصود به بدقة، وهنا مكمن الخطورة.

 

 

وبالطبع، فبعد 1967 انتشر المصطلح وشمل سيناء أيضاً، من خلال مستوطنات وإطلاق مسميات يهودية على مناطق ومدن. وليس من قبيل المصادفة أن يختفي قطاع غزة من الخريطة الإسرائيلية المقدمة كمنهاج لطلبة المدارس، وأن تُرفع كل مشاكله وصداعه ومسؤولياته عن كاهل الجانب الإسرائيلي، فالحل جاهز ويتم التمهيد له منذ سنوات.

 

 

إعلامياً وأيضاً على أرض الواقع، هناك إسلاميون على جانبي الحدود في شمال سيناء. أحد الجانبين مكتظ وتحت السيطرة الكاملة، والآخر تتم محاولة السيطرة عليه بالإرهاب والدمج أو الانتقال الطبيعي.

 

 

لذا من المهم للغاية التوعية والتحرك الديبلوماسي للاحتجاج، بخاصة أنه إلى جانب هذه الخريطة توجد تصريحات رسمية وصياغات خبرية للإعلام الإسرائيلي، بينها إذاعة الجيش الإسرائيلي التي تتحدث عن سيناء ككيان منفصل عن مصر. كذلك يجري العمل في أنفاق الاستثمار والتنمية التي يشيدها الجيش المصري تحت قناة السويس حالياً، فضلاً عن إعادة افتتاح «جسر السلام»، إذ لنقل السكان أهمية قصوى في حماية الأمن القومي ويجب إبرازها أمام الرأي العام، فلماذا لم يتم نقل السكان إلى سيناء وتسهيل سبل الحياة والانتقال لمن يرغب؟ وهذا مع ملاحظة أن سياسة «الخطوة خطوة» والتسلل التدريجي، وبالطبع الأطماع في سيناء، باتت واضحة. وكما بدأ الأمر في فلسطين بالمطالبة بـ «بيت قومي» وانتزاع «وعد» ممن لا يملك، ثم قرار تقسيم لم يُحترَم وخط أخضر لم يُحترَم أيضاً، بات التفاوض الآن على 22 في المئة من أرض فلسطين التاريخية كما كانت تحت الانتداب! وليس من قبيل المصادفة أن تنطلق دعوات تروج ليهودية القدس وتنفي تارة وجود الأقصى في فلسطين، وتارة تنفي معجزة الإسراء ذاتها عن الرسول وتنسب الإسراء لسيدنا موسى. وتتفاقم خطورة الخريطة كونها تجاهلت مدناً فلسطينية كبرى داخل الخط الأخضر، بل مسحت الخط الأخضر تماماً، على رغم أن مدناً كبرى موجودة داخله يقيم فيها حوالى مليونين من فلسطينيي 48.

 

 

والحال نفسه رُصد في الضفة، حيث توجد إشارات لمستوطنات فيها 6000 شخص يهودي، فيما تم تجاهل الإشارة إلى مدن إجمالي سكانها يتجاوز مليوني نسمة. نقول هذا بعد أن طالعنا الخريطة الجغرافية لتلاميذ الصف السابع في مدارس إسرائيل العامة، وهي مجافية للواقع ومروجة للأكاذيب والتطرف. فمتى يستيقظ السفير الإسرائيلي في القاهرة من غفوته؟ ومتى يقر بأن جرائم الاحتلال وتدنيسه المقدسات وإرساله الجواسيس والعملاء المخربين وأكاذيبه في الإعلام وأساليب إعداد الجيل القادم للمواجهة، هي السبب في ما وصلنا إليه؟ فبعض ما هو مطلوب أن يقر بأن المناهج بالفعل تحتاج إلى تغيير سريع، لكن من الجانب الإسرائيلي.