رئيسُ وزراءِ الأَرْدُنَّ القَادِم...؟!
رئيسُ وزراءِ الأَرْدُنَّ القَادِم...؟! لعل وعسى أن تتحقق أمنيتنا كأردنيين ولو لمرة واحدة في تاريخ أردنّنا، فنفاضل بين أكثر من شخصيّة، ونختار من بينها الأفضل ليكون رئيساً لحكومتنا الأردنية، وبخاصة أنّ سياسة تبديل الحكومات مع كل صباح ليلة يكتمل فيها الهلال بدراً؛ أضحت ظاهرة غير طبيعيّة وغير صحيّة، وأضحت الرّغبة واضحة وجامحة لدى الأغلب لأن يكون الانتخاب هو الطّريق الأمثل والأوحد للوصول إلى المناصب الرئيسيّة في الدّولة، وما يزيد في هذه الرّغبة؛ هو موت حياتنا السّياسيّة موتاً (إكلينيكيّاً) كاملاً بسبب تعاقب الحكومات الآنيّة والمؤقتة، بالإضافة إلى ما يشهده العالم العربي حولنا من تحوّلات سياسيّة جذريّة وهدفها الحرّية والتّغيير والمشاركة في القرارات المصيريّة، وتداول السّلطة وتأطير الأحزاب الأيديولوجية والبرنامجيّة... . ورغم كثرة الشّخصيّات الأردنية التي يمكن أن تناط إليها المهمة تعييناً في أيّة لحظة؛ إلّا أنّنا وحصراً في هذه الأيّام، لا زلنا نتأمّل الوجوه المتوقعة بحثاً عن ضالتنا بعد نصف قرن من الفشل والتّخبط والضّياع...، ولعلنا نعثر على رئيسنا الذي نريده ويريدنا، ويكون أهلاً للصالح والتّوافق العام، فيصنع هو الحكومة بشعبيّته ورمزيّته وليس العكس، فقد مللنا ممن تمّت ولادتهم من رحم الخط الرّسمي لا الشّعبي، فشتّان بين الاثنين، فالأوّل مصنوع وله فترة صلاحيّة وتنتهي بانتهاء مهمته وواجبه فهو موظف، والثّاني صانع لا يموت إذ يمنح الصّنعة لغيره فهو مُلهِم... فهزّاع ووصفي وعبد الحميد والنابلسي ليسو ببعيدين (لاحظ...؛ الجميع يعرفونهم باسمهم الأول فقط لشدة رمزيّتهم وخصوصيّتهم، وغيرهم يحتاج لمقطعه الرّابع ليُعرف و يُستدلّ عليه بعد عناءٍ وتذكُّر، وبخاصة بعد المغادرة عن صفحة الأعلام والحياة العامة)! وفي حال تعذّر للأردنيين انتخاب رئيس حكومتهم انتخاباً في القريب العاجل؛ فإنّ لهم الرّجاء وكلّ الرّجاء بأن يُراعى بمن سيأتي (عَ الحي والعايش) كرئيس لوزراء الأردن (وأظنّه قد أصبح قاب قوسين وأدنى) عدد من الصّفات و السّمات، ومنها حسب علمي واجتهادي المتواضعين: 1- العمر (السّن): إذا كان الملك والملكة شابّين، والشّارع الأردني تمثله النّسبة الأعلى من الشّباب، وليس غيرهم من سينزل إلى الشّارع، وهم من سيقود المستقبل ويحدّده؛ فالمنطق يُعلِن أنّه يجب أن يكون رئيس وزراء الأردن القادم ممن أعمارهم تتراوح بين نهاية الأربعينيات ومنتصف الخمسينيّات، لا من (الختياريّة) الذين مهما عبّروا؛ فلن يعبّروا عن ميول ورغبات وأهداف الشّباب، عدا أنّه من المحتمل أن يكون هؤلاء هم السّبب في عنف وهجوميّة الشّباب كونهم رسموا ويرسمون مستقبلاً شبابيّاً وفق عقليّة جامدة بعيدة عن أفكار العصر واستحقاقاته... 2- الرؤية والخيال: الشّعب الأردني لا يريد رئيساً يرى الرّئاسة منصباً وظيفياً واجتماعياً يتولاه لفترة ما ويغادر من حيث أتى (فالأردنيّون ملّوا بعد أن أخذوا النّصيب الأكبر من هذه النماذج والعيّنات)؛ بل يريد رئيساً يملك الخيال في التّفكير والرؤية في القرار بشتّى المجالات، ولديه القدرة على تحويل ذلك الخيال إلى واقعٍ؛ وعليه أن يعرف أنّه أتى في عصر الثّورات على الأنظمة والسّلطة المطلقة، ويستطيع أن يناجي الأحداث بمرونة وجرأة، وان يكون على مستوى كلّ خيال ورؤيا أفرزتهما أو يمكن أن تفرزهما بلحظةٍ تلك الثّورات... . 3- الولاء المطلق للشّعب: نريد رئيساً يعلم أنّ عليه دَيْناً مستحقّاً للدّفع والسّداد لشعبه فقط، لا أن يكون أسيراً مُداناً لجهات وفصائل سياسيّة وغير سياسيّة تحالفت معه وأوصلته إلى هذا المنصب الأهم في الدّولة، وأنّ عليه في كلّ لحظة سداده ودفع فاتورته أضعافاً مُضاعفة دون رحمة منها أو شفقة، وهمّها الأول و الآخر، هو احتكار الوطن و التّنعم بخيراته، والتّلذذ بإذلال أهله وناسه الشّرفاء الطّيبين... . 4- الثّقة بالنّفس وحسن القيادة: وهو لا يتأتّى إلّا لمن يتسم بالسّياسة قولاً وفعلاً، ويعلم دهاليزها، واثق بنفسه وقدراته فيمنحها لشعبه من خلفه، ماضيه وحاضره ومستقبله واحد، فليس هناك ما يسيء له أو يجعله خائفاً من جرّة حبلٍ أو متحسّساً بيديه لبطحاءٍ فوق رأسه كلّما لاح من الشّرق برقٌ، أو كلّما هبّ من الغربي هبوب... . 5- القبول الشّعبي (الكاريزما): نتمنّى أن يحمل شخصيّة متوازنة ولديها حدّ مقبول فقط من القبول الشّعبي، (فالكاريزما) لوحدها هي بداية الفشل، كونها هي من تخدع الجميع فيسيرون خلفها بالعاطفة بعيداً عن العقل، وما نريده هو رئيساً بشراً لا مُقدّساً، ويسير في أسواقنا وشوارعنا ويستمتع وأهله مع أهلنا في السّاحات العامّة في نهاية الأسبوع والعطل، ويتحدّث قليلاً ويقرأ ويفهم كثيراً (الأردنيون ملّوا الكاريزما كما ملّوا الزّيت و الزّعتر، والزّعتر والزيت...). (وباقي الصفات والسّمات أتركها لك أخي القارئ فهي ملحّة وكثيرة، ويعلمها ويطلبها الأردنيّون جميعاً، وليست هي حصراً بتوصيف وشرح الكاتب). يا رئيس وزراء أردنّنا القادم: قبل أن تقبل المهمّة؛ عليك أن تُدرك وتعلم أنّك رئيسٌ فاصل بين الشّك والثّقة، والجرأة والجبن، والإقدام والإحجام، ولنقل فاصل بين مرحلتين سابقة ولاحقه...، وعلى عاتقك سيقع مهمّاتٍ كبيرة وضخمة، والقصور بواحدة منها كفيل بحرقك أو إيداعك مستودع زوائد التّأريخ بعد أن تهلك الأمّة، وجميعها والقيام بها على أحسن صورة وأمانة؛ تجعلك رمزاً جديداً تأخّر وطال انتظاره، وتجعلك في مصاف عظمائنا (هزّاع، وصفي، عبد الحميد، النّابلسي...الخ)، وتجعلنا نحن في مصاف الشّعوب الحرّة الأبيّة بعد أن تنقلنا من عصر الفساد والظّلم والفشل والشّخصنة إلى عصر التّنوير و الحداثة و الديمقراطية، ولما لا؟ ألسنا أًردنيّين واختارنا الله لنكون مكرّمين أخيارٍ حول المقدس وأكناف بيت المقدس، وخصّنا الله بالهاشميين الأطهار، والذين هم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح؟! وبعد قبولك المهمّة؛ إليك بيتين من الشّعر النّبطي على لسان الأمير الشّاعر خالد الفيصل، راجياً منك أخذ العبرة والحكمة منهما، والتّمثّل بهما في فلسفة وغَرور دنياك، ويقين وثبات آخرتك، يقول خالد الفيصل: والمايداري حاجته بالليالي ......................................يتعب وكل شيٍ له أسلوب وقياس ولكلِّ أمرٍ لو تمادى زوالي ..................................لا دامت أفراحٍ ولا دامت أتعاس