سماسرة حقوق الانسان !!

قبل اكثر من عقدين افتضح خبير اقتصادي في كتاب اصدره عن مساعدات الشمال الموسر الى الجنوب المُعسر ما سماه ممرات الاسفنج من سماسرة ومنظمات غير رسمية ووكلاء، وقال ان هذا الاسفنج امتص اكثر من اربعين مليار دولار في فترة وجيزة، اما المرسل اليهم من جياع الارض ومشرديها فقد مضغوا اسمالهم وماتوا عُراة !
منذ ذلك الوقت والاسفنج يتراكم في الممرات لكن ليس على طريقة الحكاية العربية عن الحمارين اللذين حمّل احدهما بالملح والآخر بالاسفنج، وحين قطعا بركة ماء ذاب الملح وامتلأ الاسفنج وشمت حمار الملح بصاحبه الذي كان يبرطع امامه لخفة حمولته .
وتحت مختلف العناوين تحولت الحراكات العربية التي لم تجد حتى الان اسما يليق بفوضاها الى موسم لسماسرة الدم والشعارات التي تبشّر العرب بيوتوبيا وشيكة التحقق، لكن ما حدث هو ان من حلم بجرعة ماء بعد ظمأ مزمن وجد في فمه كرة من الملح، ومن كان فقيرا فقط اصبح مدقعا، فنحن العرب محظوظون بهذه اللغة التي جعلت الفقر طبقات والموت درجات، ومن حق اي فرد عربي فقد ابنا او أخا او بيتا ان يشعر بأن ما دفعه من ثمن لحياة أفضل كان بالفعل ثمنا لما هو أسوأ !
فالتغيير بحد ذاته وبشكل مجرد ومطلق ليس مطلبا، لأن القفز الى الوراء يعتبر من ديناميات التغيير لكن الى الاسوأ، وحين يقول الناس في الحركة بركة فليس المقصود هو الحركة العمياء والتي لا بوصلة لها ولا هدف، ونأمل ان يتفرغ باحث عربي لم يتم استئجاره او رشوته بعد لدراسة العلاقة الجدلية في واقعنا العربي بين الثروة والثورة، لأن مقابل الملايين الذين خسروا وشرّدوا في شعاب الارض ثمة مئات تحولوا الى اثرياء لأنهم كالبق والعلق الذي يمتص دم الاخرين !