علامات استفهام حول مقتل بن لادن
هناك علامات استفهام كثيرة حول الرواية الأمريكية لحادث مقتل أسامة بن لادن .
وتبدو لنا هذه الرواية غير مقنعة للمراقب المحايد الذى يمعن التأمل فى التفاصيل .
فمن ناحية : كيف يترك بن لادن مخبأه الاّمن فى المناطق الجبلية الوعرة التى تسيطر عليها حركة طالبان تماما ، وبها مئات الخنادق والأنفاق المحصّنة جيّدا ، ليسكن فى منطقة مكشوفة يسهل رصده واصطياده فيها ؟؟!!
ليس من المعقول أن رجلا مثله نجح فى الافلات من قبضة أعتى أجهزة الأمن العالمية طوال عشرين سنة أو أكثر ،سوف يرتكب خطأ فادحا كهذا ، ويقدم بهذه السذاجة المفرطة على الاقامة فى مبنى فخم أكبر 8 مرات من أى مبنى مجاور له ، وبأسوار عالية كما زعموا ،فيثير بذلك فضول الجيران والأمن المحلى ، ويعرض نفسه وأسرته للانكشاف بكل سهولة !!
ومن المعروف أيضا أن بن لادن كان طوال عمره محاطا بعشرات من الحراس المدرّبين جيّدا ، فأين اختفى هؤلاء فجأة -طبقا للرواية الأمريكية التى زعمت أنه لم يكن معه الا 3 رجال وأفراد من أسرته؟؟!!
ونرى أيضا تناقضا واضحا بين الروايات الأمريكية والباكستانية ، فالجانب الأمريكى ينسب الى نفسه الانجاز مؤكدا أنه لا دور لباكستان ولم تعلم حكومة اسلام أباد بالعملية حتى انتهت ، بينما يصر الباكستانيون على اشتراكهم فى التخطيط والتنفيذ . ولم يقتصر التلفيق على الجانب الأمريكى ،بل عرضت قنوات تليفزيونية باكستانية صورة (مفبركة) لما زعمت أنها جثة بن لادن ، ثم سرعان ما اعتذرت واعترفت بأنها صورة مزيّفة وليست لبن لادن !!
وتناقض الأمريكان أيضا فى كلامهم عن كيفية التصرف فى جثة من قالوا أنه بن لادن ، اذ أكد بعض مسئوليهم أنها (ستخضع) لفحص الحمض النووى للتأكد من هوية صاحبها ، بينما أكد أخرون أنه قد تم دفنها فى عرض البحر !!فأى الفريقين نصدّق ؟؟!!
والسؤال المنطقى هنا : لماذا حرص القوم على سرعة التخلص من الجثمان فورا ؟!!
وليس من المقنع بأى حال أن السبب هو عدم الرغبة فى تحويل قبره الى مزار ، فهناك مئات الكيلومترات من المناطق الصحراوية والجبلية ، وكان يمكنهم دفنه سرا فيها .
ولماذا لم يلقوا القبض على بعض أعوانه أو أفراد أسرته أحياء ليستفيدوا مما لديهم من معلومات هامة عن أماكن وجود باقى القيادات مثل الدكتور أيمن الظواهرى مثلا ؟!!
لماذا قتلوا حتى النساء وولده الصغير أيضا وهم لا يشكلون أية خطورة على القوات المهاجمة ؟!!
وبالمناسبة : أين منظمات حقوق الانسان من قتل أطفال ونساء فى عملية كهذه؟!!
وليس صحيحا أن رجلا مثل بن لادن يتخذ دروعا بشرية من أفراد أسرته ، فلن يصدّق عاقل أن يحتمى الأب بطفله ، والأقرب الى المنطق أن الأب هو الذى يجعل من جسده درعا لحماية فلذة كبده وليس العكس!
وقد يقول البعض أنه من المستبعد أن يعلن الرئيس الأمريكى خبرا خطيرا كهذا بدون معلومات مؤكدة . والرد على ذلك أن هذا قد حدث من قبل فى قضية أخطر ، عندما أعلن جورج بوش الابن أن لديه أدلة قاطعة على امتلاك صدّام حسين لأسلحة نووية ،وبعد سنوات عاد ليعتذر ويعترف بأنه أخطأ ، وأن المعلومات التى قدمتها المخابرات الأمريكية كانت ملفّقة خاطئة ، وأن العراق لا يمتلك شيئا من تلك الأسلحة المزعومة!!
ونجد هنا مصلحة شخصية مباشرة للرئيس الأمريكى أوباما فى الاعلان عن انجاز قتل بن لادن ليفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة -بعد عامين - فضلا عن التمهيد لما يسمونه انسحابا مشرّفا من أفغانستان والعراق ، على أساس أنهم قد حققوا نصرا واضحا ، ويمكنهم الاّن سحب قواتهم بعد انجاز ما أرادوا .
لكن القوم واهمون ، فقد فتحوا على أنفسهم وعلى العالم كله بوابات الجحيم ، لأن أنصار بن لادن سوف يشنون سلسلة من الهجمات الثأرية فى كل مكان انتقاما لزعيمهم -ان صحت رواية مقتله- ويكفى ما يعيش الجميع فيه الاّن من رعب انتظارا لانتقام رجاله لاثبات أن قتل بن لادن لن يحل أية مشكلة للغرب ، بل هو حماقة كبرى و خطأ استراتيجى فادح لو كانوا يعقلون .
لو كان القوم صادقين فى وقف العنف فان عليهم أن يرحلوا فورا من أفغانستان والعراق الى غير رجعة ، وأن يكفوا عن دعم الصهاينة ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض ، وأن يتوقفوا عن التدخل فى شئون العرب والمسلمين ونهب ثرواتهم .
حينها فقط سوف يسود السلام ربوع الأرض.