الرئيس المشاكس الذي تجاوز الخطوط الحمراء الإسرائيلية

 

 

الرئيس المشاكس الذي تجاوز الخطوط الحمراء الإسرائيلية

3 / 5 / 2011م

                                                     محمود عبد اللطيف قيسي

كثيرة هي تصريحات المسئولين الإسرائيليين عامة وتصريحات المعتوه ليبرمان القذر ذو الرائحة الكريهة بشكل خاص ، والتي تظهر حقدهم الشخصي وحقد ما يمثلوه على الشعب الفلسطيني وقيادته ، تصريحات تؤكد بجانبها الإيجابي وطنية شعبنا الفلسطيني وقيادته مع أنهم لا يحتاجون لمثلها ، وإن كان لا بد من دراستها والتمعن فيها لمعرفة خباياها وخفاياها ولمعرفة ما يفكر به الأعداء تجاه القضية الفلسطينية وما يخططون ضد القيادة الفلسطينية الشرعية .

 

فالرئيس الفلسطيني من وجهة نظر إسرائيل ومن ورائها يعتبر رجل مشاكس تجاوز كل الخطوط الحمر الأمريكية والإسرائيلية المرسومة لمثله بسبب سياساته وقراراته المنسجمة مع المصلحة الوطنية العليا لشعبه الفلسطيني ، وهو فعلا كذلك ، فهو من القلة القليلة التي قالت ( لا ) لأمريكا في أكثر من موطن ومكان وزمان ، ومثله مثل أكثر أبناء شعب فلسطين اللذين عرفوا معاني النضال والصمود والتحدي وحب فلسطين ، وهو بالحقيقة من أكثر الزعماء العرب عنادا بالمواضيع التي تتعلق بالقضايا الوطنية والقومية العربية ، ومن أكثر القادة الفلسطينيين إصرارا وتحديا بالمواضيع التي تتعلق بحقوق شعبه الفلسطيني وثوابته ، وهاتان الصفتان ( العناد والإصرار ) تعنيان من وجهة النظر الإسرائيلية وبعض الغربية المؤيدة لإسرائيل ومواقفها مشاكسة وخروج على الخطوط الحمر والمألوف ، أما عربيا وفلسطينيا فهي لا شك تعني ( الوطنية والشرف والمصداقية ، والتحدي والعمل والبناء ) وهي الصفات اللازمة للشخصية الوطنية العربية ومن مقومات الوطنية الفلسطينية التي يحبها الشعب الفلسطيني ويقدرها .

 

فالرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) قبل توليه السلطة شاكس إسرائيل كثيرا وتجاوز خطوطها الحمر التي تعتقد أنّ على القيادة الفلسطينية ورئيسها احترامها والوقوف عندها مليا وعدم تجاوزها ، وذلك عندما نصح الرئيس الفلسطيني السابق الشهيد ياسر عرفات بعدم توقيعه اتفاقية كامب ديفيد الثانية لأنها وكما اتضح كانت المطب الكبير والطريق الهاوية لشطب جوهر القضية الفلسطينية بالعودة والقدس والمياه والدولة ، وهي المحطة التي ارتكزت عليها إسرائيل بمحاولتها تجريده من شرعياته العربية والدولية والفلسطينية وقبلها جميعا الفتحاوية  .

 

ومحمود عباس ( أبو مازن ) المعادي للسامية كما حاولت أن تتهمه وتصفه إسرائيل بسبب رسالة الدكتوراه التي أهلته للحصول على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية ، والتي تخصصت في الفكر الصهيوني والعلاقة بين قادة النازيين وقادة الحركة الصهيونية ، استمر بمشاكساته وتجاوزه لكل الخطوط الحمر الإسرائيلية وبعض الغربية المؤيدة لإسرائيل مخترعة الألوان وواضعة الخطوط المتقطعة منها أو المتصلة المتواصلة ، خاصة بعد توليه مقاليد السلطة بعد انتخابات حرة ونزيهة شهد العالم كله على نزاهتها ، فهو تجاوز الخطوط الحمر الإسرائيلية بدعوته وإصراره على إجراء الانتخابات البلدية التشريعية والتي فازت فيها حماس بالأغلبية رغم التحذيرات الغربية والتهديدات الأمريكية والإسرائيلية ،  كما وتجاوز الخطوط الحمر بموافقته على نتائجها وتكليفه إسماعيل هنية الحمساوي بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الأولى .

 

وهو تجاوز الخطوط الحمراء أكثر عندما أصر على مشاركة القدس والمقدسيين في الانتخابات السالفة الذكر ، في حين هددت أمريكا بحجب المساعدات عن السلطة الوطنية الفلسطينية ، وهددت إسرائيل بالإطاحة بها إن أصر على ضم القدس والمقدسيين للانتخابات ، وفي حين أنّ حركة حماس وافقت أن تجرى الانتخابات بدونها ، وهددت باتهامه بتخريب الانتخابات وبتزويرها إن أصر على الانتخابات بها لظنها أنها كانت محاولة تسويفية من قبله للخروج من الانتخابات ، بينما أظهرت الظروف والحقائق أنّ الرئيس الفلسطيني صادق مع شعبه وصدوق مع قضيته وأفهمت أمريكا وإسرائيل أنه يعني ما يقول .

 

وهو تجاوز الخطوط الحمر الإسرائيلية في مؤتمر القمة العربي الذي كان انعقد في دمشق ، عندما أصر على حضورها رغم معارضة إسرائيل وتهديداتها وأمريكا وفلسفاتها ، ورغم عدم رضا دمشق عن حضوره ، وذلك ليس من أجل شرف الحضور من أجل الحضور ، بل من أجل العمل لشرح قضيته ومعاناة شعبه وسبل تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام ، ولدعوة العرب للإيفاء بالتزاماتهم حيال فلسطين وقضيتها والقدس ووسائل منع تهويدها .

 

 

وهو تجاوز الخطوط الحمر الإسرائيلية لحضوره مؤتمر القمة العربي الذي كان انعقد أخيرا في سرت / ليبيا ، وعندما طالب من مؤتمر القمة العربي دعم المقاومة الفلسطينية والسورية واللبنانية ، في حين نسي البعض من المزاودين على مواقفه الوطنية والقومية أراضيهم المحتلة ، وذكرهم رغم الجراح أنها عزيزة على قلبه وقلوب أبناء شعبه كما القدس وفلسطين ، وهو أيضا تجاوز الخطوط الحمر الإسرائيلية عندما طالب مؤتمر القمة بالضغط على حماس لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام .

 

وهو تجاوز كل الخطوط الحمر الإسرائيلية عندما طلب من وفد حركة فتح إبرام اتفاق مكة في أرض الأطهار ، ومن ثم بتوقيع الورقة المصرية للمصالحة رغم امتناع حماس عن توقيعها ورفض إسرائيل لقرار الرئيس الفلسطيني تحت طائلة (Wanted ) .

 

وهو تجاوز الخطوط الحمر الإسرائيلية عندما أوقف المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بعد أن اقتنع أنّ إسرائيل قررت خيار الاستيطان وتركت خيار السلام .

 

وهو أخيرا تجاوز الخطوط الحمر الإسرائيلية عندما فتح حضنه وحضن فلسطين لحماس ، بعدما أوشكت بعض الأحضان العربية والإقليمية أن تخنقها وتطردها ، وعندما أصر على وفد فتح حضور توقيع حماس للورقة المصرية والبدء  الفوري والمتتالي بتنفيذ مراحلها بشفافية ومصداقية .

 

أنه حقا وفعلا رئيس فلسطيني مشاكس تجاوز كل الخطوط الحمر الإسرائيلية ، والسؤال المطروح هو : هل يجب إصلاحه أم تغييره ؟؟؟ ، سؤال موجه للقذر الإسرائيلي المحتل والمستوطن لفلسطين ومن وراءه من عبيد وخدم وخونة ، ولقناة الجزيرة المخربة للوطنية والقومية العربية ومن يدعمها ويوجهها في قطر وغيرها ، وللذي كان من قوم المسلمين فبغى عليهم وأحلّ للصليبيين سفك دمهم ، وهو السؤال الذي لن يوجه إلى شعب فلسطين الأبي بأي حال من الأحول لأنّ جوابه معروف ، فرئيسهم تجاوز الخطوط الإسرائيلية الحمراء الملونة بالدم الفلسطيني بشهادة وتحريض الإسرائيليين أنفسهم ، لكنه لم يتجاوز الخطوط الحمراء الفلسطينية التي يحاول الأعداء مسحها وكشط ألوانها أو التخفيف من حدتها بمعرفة واختيار وخيار الفلسطينيين ومن يؤيد قضيتهم العادلة ، وهو عندهم باق حتى تحقيق إحدى الحسنيين .

Alqaisi_jothor2000@yahoo.com