" السياسات الحكومية هل هي نظرية؟ ام مهنية! "
منذ اكثر من عقدين من الزمان والاعلام يتحدث عن خطط الحكومات وعن التصور في خلق الفلسفات الفاعلة التي ستؤدي من خلال التفاعل لانتاج منظومة عمل مهنية تتكلل نتائجها بما سينعكس على اداء الحكومات من جهة ,وعلى مستقبل المواطن واستقرار البلاد من جهة اخرى , ففي السبعينيات من القرن الماضي وحتى اوائل التسعينيات لم تشهد الحكومات تغييرا جذريا يزاوج بين ارادة الشعب ورغباته في التطوير وبين خطط الحكومات لمعالجة حجم العجز او ضياع التسرب المالي من خزينة الدولة , فلم تتوفر الخيارات الجادة لكثرة تغيير الحكومات , فما بدأته حكومة دولة فلان تتوقف حتى تتبعها حكومة اخرى لاجديد فيها الا الاسماء والتعيينات وهكذا !, ولكن المهم في تلك الحقبة هو التاسيس للمؤسسية في الدوائر والمؤسسات الحكومية التي مازالت فاعلة حتى اليوم , ولكن الانجاز بالتحول في السياسات الحكومية من نظرية لمهنية مازال تحت الانتظار وفي طور الدراسات والتقييم ..فالتحول المهني غالبا ما يلامس قناعة المواطن بجدوى تلك الحكومات بلا اي تحفظ او خوف , ولو قارنا من جهة اخرى مستوى الاداء الحكومي ذاك بما نعيشه منذ عقد تقريبا اواكثر لتوطدت لدينا القناعات بأن الاداء برسم الخطط والسياسات اصبح اكثر وضوحا من ذي قبل , فقديما لم يتمخض عن الخطة الخمسية وانتم تذكرونا بالسبعينيات اي نتائج هامة تستحق الذكر , الا ان طابع الهدر العام واستنزاف موارد الدولة كانت هي العناوين الهامة , فتسليط الضوء على تلك الماخذ لم يكن يرقى او يصل لسماع المواطن نتيجة للضعف العام بالمؤسسات الاعلامية انذاك , ومقارنة بما يحدث اليوم ونتيجة لتسارع الاخداث والتطورات على الساختين الاقليمية والدولية نلاحظ ان مفهوم السياسات الانشائية على الورق مازال فاعلا ومؤثرا وتغيب عن تفاصيله الانعكاسات الهامة على سير حياة المواطن , فالمواطن باخر المطاف لن يتغذى على تعليمات وسياسات مرسومة فقط بل يحتاج لنهج قوي وفاعل وارادة جازمة تحول المفهوم النظري للخطط والسياسات لبرامج عملية ملموسة يستطيع من خلالها مقارنة الفارق وتلمس النتائج , فبالتمعن بخطط التحول الاقتصادي وكذلك بالشراكات الاستثمارية والاقتصادية التي عمدت على خلقها الحكومات الحديثة لم يجد المواطن ضالته باي انعكاسات هامة تؤدي به لمزيدا من القناعات بنهج الحكومات , بل على العكس هنالك برامج رسمت جعلت من حلم المواطن بالوصول لبر الامان مجرد طموحات بعيدة المنال تبدو اثارها واقعا مريرا على طموحات المواطن بالاصلاح والتغيير المنشود , فلو رسمنا خطا بيانيا يبين اداء الحكومات منذ عشر سنوات تقريبا للاحظنا مايلي :
اولا : جميع الحكومات لم تعمل بأتزان من خلال الموازنة بين ثلاثي ركائز الدولة " المواطن والارض المؤسسات " حيث كان الاهتمام بخلق المؤسسات الجديدة التي اثقلت كاهل الشعب كما واتجهت سياسات الحكومات الاقتصادية لترك المواطن يعاني من كثرة الضرائب بينما كانت خطط الحكومات تميل دوما نحو مزيدا من الهدر اللامبرر من خلال النفقات وضعف الرقابة على ادراة مشاريع الدولة ...
ثانيا : منذ اكثر من عقد من الزمان والحكومات لاتتحدث الا عن خطط اقتصادية جديدة , اخذة بعين الاعتبار التطورات الاقليمية والدولية فقط بحيث يلاحظ بدرجة كبيرة غياب مفهوم الدراسات الواقعية التحليلية التي تتضمن حقيقة الامر الواقع للمواطن على الارض ...
ثالثا : المتتبع لمدى تنفيذ البرامج الاقتصادية على الارض يلاحظ ان هنالك فجوة كبيرة بين المحتوى الفني والمضمون السياسي للخطط الموضوعة والدليل ضياع الكثير من امكانات الدولة عند تنفيذ اكثر المشاريع ......
واخيرا .. نتمنى ان تضيق الفجوة مابين رسم السياسات الاقتصادية البعيدة المدى وبين حاجة المواطن للعيش والبقاء الملحة و القريبة ....