في عيـــد الأم.. أقبِّل يدي كل الأمهات

اخبار البلد-

 

ليس في العالم وسادة أنعم من صدرها.. وليس في الكون لسان أصدق من أحرفها.. من ضحكتها أستمد عزيمتي، ومن طيبتها أحاول أن أزرع في الأرض وروداً، وبفضل إيمانها أشعر بأن المولى عز وجل يفتح لي أبواب النجاح، وبدعوتها المحببة دائماً: "الله يحبّب فيك خلقه" تسير خطواتي بين الأهل والأصدقاء واثقة مطمئنة.

أنا الابن البكر لأم مراد، لا أفعل شيئاً قبل الحصول على مباركة الوالدة، فهي التي منذ أن كنت أقلّب صفحات طفولتي على دفاترها.. تزرع في عقلي أن النجاح يبدأ بخطوة، وأن الحب يبدأ برمشة عين، وأن توفيق الله هو حليف الصادق الذي لا يكذِب أهله.
أمي.. ولن أقول إن أمي أعظم أم، فكل أم أعظم أم عند أولادها، لكن أمي استطاعت أن تصهر ثقافات مختلفة، وتعجنها بطريقة طيبة لتقدمها إلى أبنائها معتمدة على أصولها البرازيلية، وحياتها في عمّان، فاكتسبت محبة الأهل والجيران والأصدقاء.
في عيد الأم، وبعد تقديم التهاني لأمي وكل الأمهات، أجد لزاماً عليّ أن أقدم التهنئة بامتنان شديد إلى أم أبنائي؛ زوجتي الحبيبة التي تساند خطواتي بكل حب وإيمان، وقناعة بأن فعل الخير هو الطريق إلى رضى الله أولاً، ورضى النفس ثانياً، وهو الذي يمكث في الأرض ثالثاً، فلعلّ أسعدَ الناس مَن أسعدَ الناس. عيد الأم ليست مناسبة (على أهمية ذلك ورمزيتها) لكي نقدم لأمهاتنا هدية أو نقوم بتقبيل يدها أو طلب رضاها، بل هو تجديد لكي نقول لأمهاتنا: أنتنّ زرعتنّ البذرة ونحن ننمو بريّ مياهكم، ومن عبير روائحكن الجميلة نستنشق الحياة، ومهما قدمنا من فروض الحب والطاعة، فنحن مقصرون، ولا نوفيكنّ جزءاً يسيراً من عطائكنّ الدائم الفاقد لأي منّة أو المنتظر لأي مردود.
عيد الأم، أهم مناسبتنا الإنسانية، وفي هذا اليوم ينثر الحب والوفاء والإخلاص نسماته على حياتنا، وتكتمل فيه عناصر الإيمان وطاعة الرحمن، كيف لا وهي وصية الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بحسن الصحبة، وكمال البر والإحسان، حيث جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ، من أحقُّ الناسِ بحُسنِ صَحابتي؟ قال: أُمُّك. قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك. قال: ثم من؟ قال: ثم أُمُّك. قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
في عيد الأم كلام كثير قد يخرج منا، لكن وبتواضع جم أقول لكم وصيتي التي أرددها دائماً: "ديروا بالكم على أمهاتكم..". لا يؤلمني إلا صورة طفلٍ فقد أمه، امتدت يداه لتمسكا بيد أمه؛ فوجدها باردة، يكاد هذا الطفل يصرخ من رئتيّ أنا، يكاد يذرف دموعه من عينيّ أنا، تخنقني عبرته، يشجيني أنينه، أعلم أنه أصدق في نحيبه من كل سكّان نصف الكرة الأرضية الشمالي، وخمسة أضعاف الجنوبي..اللهم احفظ أمهاتنا جميعاً، وارحم مَن قيل إن الجنة عند قدميها.
في عيد الأم، أقبّل يدَي أمي، وأقبّل يدي كل الأمهات الرائعات..