أحياناً (ساعة الأرض ... «رولكس»!)

لا زلــــت أتذكـــر لوحة في معرض لهواة الفنون التشكيلية في إحــدى الدول الأوروبية، للأسف نسيت اسم الرسام إنما فكـــرة اللوحــــة وتفاصيلها لا زالتا عالقتين في الذاكرة، استطاع الفنان ترسيخ الرسالة لتبقى حاضرة حتى بعد سنوات طويلة.

 

 

صوّر الرسام شجرة خضراء مورقة ضخمة وهي تهوي ساقطة بفعل قطع الفؤوس، وفي طريقها للسقوط تتشكل بدلاً من السماء الزرقاء الصافية الجميلة سماء رمادية داكنة مشبعة بالتلوث.

 

 

والعالم «المتقدم» انتبــه لحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي منذ زمن بعيـــد. صحيح أن هذا استخدم سياسياً وتجــارياً، لكن في صلب الاهتمام حقيقة شعور بالمسؤولية تجاه الأرض والهواء والبيئة، وكل هذا يصب في الاهتمام بالإنسان.

 

 

وإذا كان العالم اتفق على ساعة للأرض كل عام في شهر آذار (مارس) تطفأ فيها «الأجهزة الكهربائية» غير الضرورية لمـــدة ساعــة بيــن الثامنـــة والنصــف والتاسعــة والنصـف وفـــق التوقيت المحلي لكل بلد، وبادر الصندوق العالمي للطبيعة بالفكرة ترسيخاً للوعي بخطر التغير المناخي، فنحن في بيئتنا الفقيرة ومناخنا المتقلب تقلباً حاداً ينذر بأخطار لا يعلمها إلا الله، بحاجة إلى أكثر من ساعات في اليوم لا في العام.

 

 

ومع أن بعـــض الأجهزة الحكوميـــة لديـنا تهتـــم بالمشــاركـــة في ساعـــة الأرض بصورة أو بأخرى، إلا أن هذا الاهتمــــام لـــم يتشكل منه وعي رسمي حقيقي في جوانب بيئية أخـــرى ضائعــــة تائهة تتقاذفها الجهات أو تغض الطرف عنها.

 

 

إن الــوعي المطلوب يتجاوز الرمزية في الإعلان عن إطفاء أنوار لمدة ساعة كل عام للمشاركة في «العالمية».

 

 

التقدم والعالمية أبعد وأعمق من مشاركة بضغط أزرار. الأرض، وأرضنا تحديداً، بحاجة إلى إيقاف العقوق الذي أصابها من كثيرٍ منَّا، بحاجة إلى أنظمة صارمة «مطبقة» تحافظ على حقوقها للحفاظ علينا وعلى أولادنا.

 

 

إن مبــادرة «ســـاعة الأرض» ليست حلية للتجمل، ليست ساعـــة ثمينة تزيّن معصماً للتفاخر بها أمام الآخرين، إنها ليســـت ساعة «رولكس» بل ساعة منبهة تطلق جرساً له صوت مـــزعــج، محذراً من التبلد البيئي، ولا أقول النوم البيئي، لأن الكل يتحدث عن البيئة والتغير المناخي في وسائل الإعلام «وحسب المناسبة»، لكن قليل من يفعل شيئاً لمواجهة هذا الخطر.