مواجهة النسور الطراونة: 0:2

وجّه رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، ضربتين موجعتين لرئيس مجلس النواب م. عاطف الطراونة، في الأسابيع الأخيرة، وسجّل هدفين في مرماه، من دون أن يتمكّن الأخير من الرد.
الهدف الأول جاء عبر إحالة د. النسور موضوع التعيينات في مجلسي النواب والأعيان للمجلس العالي لتفسير القوانين، الذي أصدر تفسيراً يتفق مع اجتهاد رئيس الوزراء، ما يوقف تعيينات الطراونة، ويكبّل يديه في إحدى الصلاحيات المهمة والأساسية لرؤساء مجالس النواب.
أمّا الهدف الثاني، فيتمثّل في حيثيات عدم تجديد مجلس التعليم العالي للدكتور خليف الطراونة (شقيق عاطف الطراونة) رئيسا للجامعة الأردنية، بالرغم من التقرير الإيجابي لمجلس أمناء الجامعة، الأمر الذي اعتبرته أوساط مقرّبة من رئيس مجلس النواب بمثابة ضربة مقصود بها رئيس المجلس نفسه.
عاطف الطراونة نفسه عرض على النسور رغبة شقيقه د. خليف بالاستقالة، في حال كانت هناك نيّة لعدم التجديد، الأمر الذي نفاه رئيس الوزراء بشدة، بل قام بمقابلة الدكتور خليف الطراونة في يوم عدم التجديد، مؤكّداً له وقوفه شخصياً إلى جانبه، مع ترك أمر الاختيار لـ"الديمقراطية الداخلية في مجلس التعليم العالي"، الذي كان المزاج العام فيه عدم التجديد لخليف لأسباب جدلية وخلافية بين المراقبين.
لم يخذل النسور دهاؤه، وسدّد ضربتين حاسمتين في الوقت الضائع من المباراة؛ أي عمر كل من الحكومة ومجلس النواب، متسلّحاً بقرارات مؤسسية؛ لمجلس تفسير القوانين ومجلس التعليم العالي، بعد أن أحكم قبضته على الأبعاد القانونية والإدارية، ما جعل عاطف الطراونة في "موقف دفاعي" متلقيّا الضربات.
من حيث المبدأ، فإنّ النسور درس الخصم جيداً وأعدّ خطته، وأحكم تكتيكاته السياسية، فلم يترك أي احتمال إلا وقرأه جيدّاً، ووصل إلى نتيجة بأنّ عاطف الطراونة سيخسر معركته في كل الاحتمالات، وفي الموقعتين اللتين شهدتا المواجهة.
ففي موضوع التعيينات، هناك رغبة سياسية لدى مراكز القرار بوقف التعيينات المتضخمة في مجلس النواب، استثمرها النسور.
أمّا في موضوع الجامعة الأردنية، فقد كانت لدى رئيس الوزراء قناعة تامة بالموقف الذي سيخرج به مجلس التعليم العالي، وخدمه -قد يكون من غير قصد- الاعتصام الطلابي المفتوح، إذ انفض غداة قرار عدم التجديد، بعدما تراجع مجلس الأمناء، الذي كان متشدداً قبل ذلك!
لم تكن العلاقة بين الرجلين في أيّ فترة من فترات مجلس النواب الحالي وديّة. ولولا إدراك عاطف الطراونة أنّ هناك رغبة سياسية لدى مراكز القرار المختلفة ببقاء النسور، لفتح الباب لنسبة كبيرة من النواب الذين انفتحت شهيتهم في أكثر من مرّة للانقضاض على الرئيس والإطاحة به، إلا أنّ "حساب السرايا لم يتطابق مع حساب القرايا"، فنفذ النسور من الأزمات كافة التي تعرّض لها، وبقي المدّة المقررة مسبقاً "4×4"، ما كسر حلم الطراونة وغيره من النواب باستبدال حكومة نيابية، تمثل ائتلاف الأغلبية الذي يقوده الطراونة نفسه، بحكومة النسور، وهو السيناريو الذي لم يكن أحد داخل مراكز القرار يؤمن بأنّه ناضج تماماً.
بالرغم من كل تلك المحددات للعبة السياسية، فإنّ النسور لم يكن ليسجّل الهدفين الحاسمين، حتى الآن، لولا أنّه أدرك أنّ الوقت يسير لصالحه، وأنّ الطرف الآخر استنفد أوراقه الرابحة، بعدما تم إقرار قانوني الانتخاب والموازنة، ولم يبق للمجلس سوى مهمات صغيرة مطلوبة، لا يملك ترف إعاقتها، وانتظار صافرة الحكم لانتهاء المباراة!