بالفعل هذا ما يحدث في مديريات التربية في الزرقاء وغيرها ..

في مقالة سابقة تحدث فيها أحد الزملاء التربويين عن بعض السلبيات التي تعاني منها مديريات التربية والتعليم في الزرقاء تعرض فيها المقال الى ردود مختلفة تباينت بين المؤيد لوجهة النظر التي طرحت في نصها وبين المعارض لها ولأسباب تكاد تكون معلومة وغير مجهولة للقريبين من الجسم التربوي ، فعلى ما يبدو أن البعض يعلم سر المعاناة التي يعيشها الواقع التربوي ورغم ذلك فهنالك من يحاول التغاضي عنها خشية زوال كرسيه أو رغبة في الحصول على كرسي .

لم أستغرب من الرد الهزيل الذي خرجت به إحدى مديريات التربية في الزرقاء على الطروحات التي ذكرت في تلك المقالة ، مع تحفظي بالطبع على بعض التعليقات التي وردت وقد تجاوزت حدود النقد البناء ، ولكن الحقيقة تقال بأن ما ذكر على لسان كاتبها كان حقيقياً مئة بالمئة ، وأزيدكم من الشعر بيتاً بان وزارة التربية والتعليم أيضاً على علم بتلك المصائب ، ولكنها لا تحرك ساكناً لأسباب كثيرة كان منها عدم قدرتها على تجاوز ما أورثه وزيرها السابق وليد المعاني الذي أفرغ الوزارة من كوادر ضخمة مؤهلة أوصلت الجسم التربوي الى هيكلية منقوصة بالكفاءات لتحل الواسطة و المحسوبية مكانها ممثلة بالعبي و فناجين القهوة السادة  ، بعد إهمال إستمر عقدا من الزمن في عصر طوقان الحاسوبي الذي غفل عن المعلم والطالب من النواحي الأساسية ليصب جام عمله على الكمبيوتر ومن والاه ليحوسب التعليم كما كان يقول .... والنتائج الأن معروفة ومحزنة للغاية .

تحدث الزميل عن بعض مواطن الخلل في مديريات التربية والتعليم في الزرقاء وبالذات الأولى ، لأؤكد هنا أن حال الكثير من المديريات في المملكة على ذات النسق والطريقة ، ومن تلك النقاط المطروحة نقص الكوادر من رؤساء الأقسام نتيجة تركة الوزير المعاني عفا الله عن خطأه ، والحال ينطبق أيضاً على مدراء المدارس فإحدى المدارس على سبيل المثال ومنذ بداية العام الدراسي الحالي يديرها سكرتير المدرسة ؟ كقائم بأعمال المدير ! والمضحك أن يحضر اليها مدير قبل عدة أيام بعد ضجة المقال طبعاً ولكن قائم بأعمال ! ، وستبقى المشكلة هي ذاتها لأن طبيعة تسلم هذا المركز في وزارة التربية والتعليم دون ثبات المركز ، لا تدفع الشخص المنوط به القيام بالعمل الى التجرؤ على إتخاذ قرارات حازمة وهامة وحسب اهواء الشخص نفسه والضحية هنا الطالب والمعلم .

اما قضية الآذنة والمراسلين في تربيات الزرقاء فلا يختلف إثنان في الزرقاء بأجمعها أنه مرتبط بشيوخ ووجهاء ونواب أمة يتراكضون خلف هذا المغنم لإرضاء قواعدهم الإنتخابية الهامة ، فالقانون يمنح مدير التربية صلاحيات واسعة لتعيين الآذنة والتنسيب بذلك لوزارة التربية والتعليم لتؤكد عليه في حالة النقص والحاجة لذلك .

وبالنسبة لموضوع الصيانة في المدارس فهي مرتبطة ارتباطا وثيقاً بزيارة مسؤول من رأس الهرم في الوزارة ، لتبدأ الزيارات السريعة لإصلاح الكثير من الخلل الموجود ، وقد شهدته بصورة مضحكة قبل عدة أيام بعد إشاعة زيارة مسؤول في مدرسة من المدارس لتبدأ الصيانة وحملات التنظيف الواسعة والشاملة لها ، إرضاءاً لشخص المسؤول فقط وليس حباً وإنتماءاً للعمل الذي لا نرغب بأن  نزاود على أحد  به ولكن ... !

المشكلة كبيرة جدا في حال مدارسنا ومديرياتنا وهي تتفاقم يوما بعد يوم ووزارة التربية والتعليم لا تكترث الا بالأمور التي لا يلمسها أحد على أرض الواقع  وأحبار على الورق تتطاير من مؤسسة لأخرى بهدف التطوير والتحديث في هذه المؤسسة الحكومية المتهالكة ، والسبب الحقيقي لهذا ، هو وجود معسكر متنفذ داخل وزارة التربية والتعليم يرفض التغيير والتطوير لتناقضها مع مصالحه ومأربه الشخصية ، وهم من تم نعتهم بقوى الشد العكسي والممانعة ، ولسان حالهم يقول فقط بالكلام المعسول والمجاملة التي لا تمس واقع التعليم بشكل مباشر لتبقى الأمور على ما هي عليه ، في سبيل أن لا تتطاير من تحت أقدامهم كراسيهم ، والحل يكمن فقط في مجيء وزير جريء بطرحه ولا يجامل ولا يتحدث بنفس اللغة المعهودة ليقف مع رعيته بصورة ملموسة كموقف وزير العدل الذي وقف مع معتصمي الدقامسة على سبيل المثال ، و وزراء التربية بأجمعهم يرددون علينا أقاويل وأهازيج المديح فقط دون أن نتلمسها في الواقع ، فالطالب الصغير في سنه يعتقل من داخل مدرسته لأنه تبنى رأياً جريئاً يظهر ثقافة ميولا قل نظيرها في الجيل الحالي ، ورغم ذلك الإنتهاك لقدسية المدرسة والطالب لم يحرك وزير التربية ساكنا أمام المجتمع التربوي بأسره ليعبر عن عهده بعدم تكرار الأمر مرة أخرى ولكن أبى إلا أن يغيب المشهد عن قاموسه ، مفضلاً إستقبال وفد من جزر القمر السابع للحديث حول أخر إستراتيجيات التعليم الحديث التي يتم تطبيقها على سطح القمر ، وبالتالي تشكيل اللجان التي ستدرس تطبيقها في مدارسنا بعد ثلاثة آلاف عام ... !