سعادة البعض بإتعاس البعض الآخر ؟
فبينما يُعزي البعض الى ان السعادة تتمثل بامتلاك المال.. أو الجاه.. او الشهرة..الا أن الحالات التي نلتقيها يوميا.. والأحداث التي نمر بها تؤكد لنا على ان السعادة هي خليط من هذا وذاك إضافة الى قناعات داخلية تتراكم ايجابا عند الإنسان فيصبح نصيبه من السعادة أكبر.. أو تتراكم سلبا لتخرج بقفزة نوعية من التعاسة.. فالقناعة كنز لا يفنى من السعادة!
وقد تتضارب الآراء حول مدى أهمية ربط السعادة الجمْعية بالفردية مما يجعل منها حالة ميؤوسة منها في حالة رفضنا لهذه الحقيقة ،فالتركيز على سعادة النفس فقط دون الآخرين ، حتما سيسهم بتلويث الأجواء الخارجية بسموم التعاسة فتنعكس على الأفراد طارقة أبوابهم واحدا واحدا.. فالفرد الواحد ليس بمنأى عن إفرازات التعاسة المتراكمة خارج حدود بيته ونفْسه !
ومن ثم المسؤولية الحقيقية تقع على الإنسان نفسه الذي يعسّر ولا يسهِّل يبعثِر ولا يجمِّع ِّ يشتِّت ولا يوحِّد.. كما ان المسؤولية تشمل تلك الفئة التي تقتنص لحيْظات سعادتها عبر بعثرة كل مزاج سعيد للآخرين في محاولة لهدم سعادتهم ولو مؤقتا !
وهكذا في ظل هذا التعثّر والبعثرة لسعادة الغير اوللذات نفسها يتعسّر علينا قطف السعادة المنشودة..
كيف ؟
نجيب وبتواضع شديد.. ليس لأننا الخبراء بصناعة السعادة وسبكها وصياغتها ، ثم نقوم بارتدائها على جبهاتنا او نضعها وساما على أكتافنا متباهين بامتلاكنا للسعادة المنشودة ضاربين بعرض الحائط تحذيرات البعض بقولهم: «داري على شمعتك بتقيد».. اي تتوقد وتزداد اشتعالا كلما داريناها من اي ريح تخمد توقدَّها..
لا نقصد بان «نداري « سعادتنا عن الآخرين خوفا من الحسد – الإصابة بالعين- كلا..فالله سبحانه يحب أن يرى اثر نعمته على عبْده.. والنعمة المقصودة ليست المادية فحسب بل المعنوية منها من مشاعر ايجابية تحمل بين طياتها قناعة وتواد وتسامح تنشِّط دينامو السعادة ليولد المزيد منها له ولغيره و»مَنْ جاوَرْ السعيد بسْعَد»!
فكم من مجرّب يقوم برفع إشارات تحذيرية بوجوه الباشّين الفرحين هامسا لهم بتقنين سخاء عرضهم لمشاعر حبورهم.. فوفق رأيه قد يُحْسَد المرء على ابتسامته المبرهِنَه على وصوله الى المرحلة المنشودة من الهدوء النفسي والتسامح مع النفس ومن ثَمَّ الآخر مما يخلق حوله هالة طافحة من سعادة تأسر الآخرين فتجذبهم نحوه لينعموا بهذه الهالة الإيجابية المحبَّبة للنفس..
ونحن نتساءل: ما دام ان الشعور بالسعادة مُحبَّب ويكاد يكون مُعديا – طبعا عدوى ايجابية–فلماذا إذن نخفيه سادّين طاقته – نافذته- مانعين بذلك تدفق طاقته الإيجابية المظلِّلة بخفتها المنعشة لمن حوله ؟
ولكم للأسف تحذّر الأصوات المجرّبَة من مغبّة إظهار هذه السعادة الأيجابية على قسَمات وجه السعيد خوفا من تجييش سوس الحسد الكامن ببعض النفوس والناخر لدواخلها لينال منه ومن غيره..فما يكاد الواحد يُعبّر عن اندماجه بسعادته بقول او بمحادثة او حتى بإشارة ، حتى يدبّ الإستياء بالنفوس المعتمة بحسدها فتظهر فجأة من اللامكان واللازمان مخترقة صفوف السعيد لتُقْحم نفسها في مبادرةِ محروق فيلمِها بُغية إمقاته بشكل او بآخر ، ناثرة بركة سلبياتها بكلماتها المبطّنة المغلفة بحلوى مصطنعة من بسمة صفراوية ترتقي فوق انيابها النخرة في محاولة فاشلة لإخفاء هدفها الرخيص لسرقة فرحة كل سعيد «بنفسه وبغيره» ، آملة بفعلتها هذه ان تقلب مزاجه وتدمر ابتسامته مكهرِبَة الأجواء بتدخلها السافر في محاولات غير يائسة لإشباع جوع شراهتها الساديّة كي تستمر على قيد الحياة عبر إغضابهم وقلب مزاجهم مغّذية بذلك فتيل ساديّتها لإبقائها متوقدة مدى الحياة..
ومن اجل ذلك تنصح الأصوات المجرِّبة الآخرين بمداراة سعادتهم عن عيون الحسّاد المتميزين بنشاطهم المتصل المتواصل لإفساد مظاهر سعادة غيرهم.. ولكننا نؤكد بدورنا بان السعادة المبنية على بنية تحتية متينة لن تعبث بها زوابع الغيرة ولا عواصف الحسد..
اعجبني تعليق احدهم بقوله بانه كلما قابل احدا من قالبي السعادة والمزاج ، فهو لا يتأثر من اساليبهم على الإطلاق فقد بات فيلمهم محروقا ، بل على العكس يرثي لحال هذه الفئة لما تكنّهُ من مشاعر سلبية بشعة ترهق دواخلهم.. وكيف لا ؟ وهَمُّها الأكبر مراقبة الوجوه السعيدة للنيل منها بمحاولات يائسة لتذبح سعادتهم على مذبح ساديّتها النابع من حسدها..
قد يكون بهذا شيء من الصحة..والتجربة خير دليل وبرهان !
ولكن ثقوا بان هذه المحاولات المكشوفة قد يُنْجِحَ مسعى فئة هادمي السعادة لثوان عدة ريثما ينكشف المستور معرّيا حقيقة إدّعاءاتها بأن القصد من وراء تدخلاتها التي لا تتقن غيرها هو تقديم النًصْح والإرشاد للآخرين.. ولكن كيف !
عبر قلّب وتشتيت سعادة البعض الآخر !
كفانا جميعنا شرّها !