يا عمال الأردن.. اتحدوا
حالات اعتداء صارخة يتعرض لها عمال الأردن، وعندما أسمع عن حالة ينتابني شعور بالألم والامتعاض.. وأتساءل لماذا يكون العامل هو الضحية دائماً..؟!! ولماذا التجني على العامل دائماً وإيذائه، والقصص على ذلك كثيرة يندى لها الجبين ويتفطر لها القلب وتدمع لها العين..!!
من يومين فقط سمعت أن أحد العمال الوافدين اتخذ زاوية في شارع رئيسي ليعلن اعتصامه البسيط رافعاً شعار (أريد حقي..) احتجاجاً على ما تعرض له من ظلم صارخ، دون أن يأبه به أحد..!! وقد اتصلت به ودعوته للاستماع إلى قصته محاولاً مساعدته، انطلاقاً من شعور ما بالمسؤولية والاعتقاد بأن هذا البلد الهاشمي لا يقبل بظلم لأحد حتى لو كان هذا الأحد غريباً مهاجراً.. وعندما التقيته عرفت أنه أصيب بحادث عمل وكاد يفقد إحدى ساعديه، وما زال مهدداً بفقدانها إنْ لم يُكمل العلاج إذ يحتاج إلى جراحة عاجلة، ولكن صاحب العمل الذي كان يعمل لديه بالباطن مصرّ على التهرب من علاجه بعد أن تهرب من تسجيله بالضمان الاجتماعي، ما أضاع عليه فرصة العلاج والعناية الطبية الكاملة من قبل الضمان.. وما زال هذا الشاب بلا عمل وبلا علاج وبيد معطلة معلقة إلى عنقه، ولم يجد من يساعده بالرغم من وصوله إلى مسؤولين كثر ولكن دون جدوى..!!
وقبل أشهر تعرّض "عامل وطن" أردني في منتصف الثلاثينات من عمره إلى مرض، أُدخل على أثره المستشفى للعلاج، وتفاقمت حالته الصحية، وبعد ثمان وعشرين يوماً تم إيقاف راتبه من قبل البلدية التي كان يعمل لديها على الرغم من استمرار مكوثه في المستشفى، فيتوفاه الله بعد ذلك بأقل من شهر.. وعلى الرغم من إكماله مدة سنتين مشتركاً بالضمان الاجتماعي وهي المدة المؤهّلة لاستحقاق راتب وفاة طبيعية للمستحقين من ورثته، إلاّ أنهم لم يستحقوا الراتب وهم أرملة وأطفال صغار.. بسبب أن الوفاة وقعت بعد أن تم إيقاف راتبه وإيقاف اشتراكه بالضمان من قبل البلدية.. فأضاعوا على الأيتام والأرملة راتباً كان من حقهم لو لم تبادر البلدية إلى إيقاف راتبه واشتراكه بالضمان خلال فترة مرضه..!!
وفي قصة أخرى يتعرض شاب أردني يعمل في مصنع للكيماويات إلى حادث عمل أليم لاستنشاقه غازات سامّة حفظت بطريقة خاطئة تماماً، ما أودى بحياته بعد أربعة عشر يوماً، دون أن تعترف إدارة المصنع بذلك، والسبب أنهم يريدون التغطية على أوضاع السلامة والصحة المهنية المتردية جداً لديهم.. ولولا قيام الصحافة بدورها في التقصي واستطلاع الأمر لما عُدّ الحادث إصابة عمل، ولما صرفت مؤسسة الضمان الاجتماعي راتباً لأسرته..!!
ونسمع قصصاً عن معلمات مدارس خاصة يتم استخدامهن لتسعة أشهر فقط في السنة ثم تُنهى خدماتهم ليعاد استخدامهن مطلع العام الدراسي.. أي يتقاضين تسعة رواتب فقط سنوياً وما أزهدها من رواتب، وقد مرّت بنا حالة لإحداهن عملت لمدة تزيد على عشرين عاماً ثم توفيت وهي مشتركة بالضمان، وعندما راجع ذووها مؤسسة الضمان لاستحقاق راتب الوفاة الطبيعية الذي لا يشترط القانون السابق سوى توافر مدة سنتين اشتراك من ضمنها 12 اشتراكاً متصلاً، تبيّن أنها لا تستحق راتباً لأنها لم تحقق شرط ألـ (12) اشتراكاً متصلاً.. فلم يحصل أبناؤها على راتب.. بسبب هذا الجشع والاستغلال من قبل بعض أصحاب المدارس الخاص.. ما حدا بمؤسسة الضمان إلى تخفيض مدة ألـ (12) اشتراكاً متصلة إلى (6) اشتراكات فقط لحماية مثل هذا النوع من العاملين..!
حوادث وقصص مؤلمة كثيرة جداً يسمعها منْ كان قريباً من العمال وهمومهم وقضاياهم: افتئات وظلم وتجني واستغلال وإجحاف وأكل للحقوق وضعف في الأجور.. ثم يُقال: احتفلوا بعيد العمال العالمي.. فثمة سبعة عشر نقابة عمالية أنشئت لتدافع عن عمال الوطن وثمّة اتحاد يجمعها.. ونقول: أعطوا الأجير أجره قبل أن يجب عرقه.. واقرأوا المادة 23 من الدستور جيداً.. فلعل ظروف العمل والعمال تتحسن في بلدنا.. وتضعف شوكة الحيتان.. وأنتم يا عمال الأردن اتحدوا لتواجهوا طوفان الاستغلال والتجني والظلم والإفتئات التي تصل بعض صورها إلى مستوى الإتجار بالبشر، وكل عام وعمالنا بخير..!!
Subaihi_99@yahoo.com