باراك حسين أوباما.. إن حكى !

«عقيدة اوباما».. تحت هذا العنوان, تستعد مجلة «ذي اتلانتك» الاميركية في نيسان المقبل, نشر التفاصيل والمحطات التي تبلورت فيها خلال السنوات التي قضاها باراك حسين اوباما في البيت الابيض, لولايتين توشك الثانية على الانتهاء في العشرين من الشهر الاول في العام القريب 2017, تبدو الان رغم الفقرات «المحدودة» وخصوصاً التي أضاء عليها الصحافي المخضرم المقرب من اوباما, جيفري غولدبرغ - فرصة لمن يريد أن يطّلِع على خفايا الاحداث و»الفلسفة» التي اراد رجل القانون اوباما ادارة فرصته الذهبية التي لم يكن يحلم بها ذات يوم, وبخاصة هو الافرواميركي لأم «من دون زوج» يسكن في البيت الابيض, افلح في الفوز بانتخابات الرئاسة, على ما قال غاضباً لبنيامين نتنياهو الذي «حاضر» عليه في استعلاء و»استذة» في شأن خطر النووي الايراني على اسرائيل.

المُدقق في ما سرّبه ونقله غولدبرغ على لسان اوباما احياناً, وغالباً في ما رواه عن مقربين من الرئيس الاميركي وبعض مستشاريه ووزرائه, يلحظ ان الاميركي الاسمر «الاول» الذي نجح في الوصول الى رئاسة الدولة الاعظم في العالم, قد حاول النأي بنفسه عن «ثقافة القوة» ونزعة العسكرة التي بنت عليها الامبريالية الاميركية سياساتها العالمية, وبخاصة بعد أن حلّت أو ملأت «الفراغ» الذي زعمت انه حدث بفعل انكفاء وهزيمة الامبراطوريتين الاستعماريتين التقليديتين البريطانية والفرنسية في العام ,1956 مباشرة بعد العدوان الثلاثي (بمشاركة اسرائيل)على مصر.

هذا لا يعني أن اوباما تخلّى في داخله أو حسم امره في شأن استبعاد استخدام القوة لتحقيق ما يوصف دائماً بالمصالح القومية الاميركية أو الدفاع عن هذه المصالح, رغم أن الرجل الذي خاض معركة الرئاسة تحت عنوان «نعم نستطيع» لم يتردد في الاستخدام المُفرط بل الاجرامي للطائرات بدون طيار, لقتل الكثير من الابرياء بل ,منهم مواطنون اميركيون خارج اطار القانون, كما فعل في اليمن وافغانستان والعراق وأماكن عديدة, رغم التعهد الذي التزمه بأن يسحب القوات الاميركية من افغانستان والعراق, حيث وصف غزو العراق, ناقداً سلطة جورج بوش, بحرب «الخيار» فيما خلع على الغزو الاميركي لافغانستان «حرب الضرورة».
ما علينا.

جملة الاوصاف والنعوت التي أطلقها او خلعها اوباما على «حكام» عديدين في الغرب وفي الشرق «العربي وغير العربي»، تستدعي وقفة تأملية وخصوصاً من اؤلئك الذين صدعوا رؤوسنا بإضفاء الهالة على قادة العالم الغربي ووصف عواصمهم بأنها عواصم «القرار الدولي»، فيما هؤلاء القادة مجرد أشخاص»عاديين» بعضهم بالفعل حفيد «مُخلِص» لاجداده الاستعماريين ولا ينظر الى «العوالم الاخرى» اي العالمين الثاني والثالث وربما الرابع (دعك من حكاية المصطلحات المُضلِّلِة عن الدول النامية او دول الجنوب وغيرها فارغة المضمون) الا عبر المنظار الاستعماري التقليدي القائم على الاستكبار والاستعلاء وعقلية النهب وادعاء الطهارة والرغبة في تعليم وتثقيف والارتقاء بالمجتمعات المتخلفة (اي نحن). يقول اوباما في معرض ابداء «ندمه» على تدمير ليبيا: ان ديفيد كاميرون كان شارد الذهن في امور اخرى، فيما ساركوزي لم يكن يبحث سوى عن الظهور عند تنفيذ الغزو العسكري الذي اطاح بالقذافي.

هم كذلك وسيبقون، لكنهم ووسائل اعلامهم وتهديداتهم التي لا تتوقف لنا, سواء بالغزو المباشر ام تحريك العملاء والمرتزقة ام فرض العقوبات ومنع القروض والاعانات، ودائماً في ضعفنا واستخذائنا والخوف الذي يشل حركتنا، نتركهم ينجحون في البقاء مقام القادر على فعل الاعاجيب وانهاء الازمات واطفاء الحرائق, ولهذا لا نتوقف عن التطلع اليهم والتوسل اليهم للتدخل وبذل الجهود، رغم انهم في السر يقولون عنا وعن كثيرين, ما «لم» يجرؤ ان يقوله مالك في الخمر.

اوباما يصف - وعن حق هنا - رجب طيب اردوغان بانه فاشل ومُستبِد، ما يعكس خيبته فيه «كمسلم معتدل ظننت انه يمكن ان يكون جسراً بين الشرق والغرب، لكننا اليوم نراه فاشلاً واستبدادياً» وهو هنا يكشف (عن قصد او عن غير قصد) ان اتفاق اعتماد «الاسلام الاردوغاني» نموذجاً في المنطقة العربية خصوصاً, كان صحيحاً ولم يكن مجرد دعاية فبركها اعداء جماعات الاسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين, التي انخرطت في المشروع الاميركي الاسلاموي الذي يلفظ انفاسه الاخيرة على ما يبدو.

سيُقال ويُكتب الكثير عن «عقيدة اوباما» بعد نشر الـ «87» صفحة التي اعدتها «ذي اتلانتك» في عدد نيسان القريب, لكن هذا لا يعني التأمل في «ثلاثية» اوباما التي «صَمّمها» للدفاع عن النظام الليبرالي العالمي الذي تقوده واشنطن: «.. الدفاع عن النظام الليبرالي العالمي، ضد الارهاب الجهادي والمُغامرة الروسية والتسلط الصيني، يعتمد في جزء منه, على استعداد الدول الاخرى لتقاسم الاعباء مع اميركا».

فعن اي عقيدة لاوباما.. يتحدثون؟

أليست هي «عقائد» الذين تعاقبوا على السكن في البيت الابيض؟بصرف النظر عن «ألوانهم وأحزابهم؟