ضائعون في واقع ضائع !!



حين تكثر علامات الاستفهام وتقل الاجابات فاعلم أن ثمة خللا ما في الحالة التي تتكلم عنها .وفي زمننا الحالي اصبحنا نعيش علامة استفهام كبيرة تخنق الوطن العربي وتكاد ترسم خريطته من المحيط الى الخليج ومن زاخو الى جنوب اليمن .والأهم من ذلك أن علامة الاستفهام هذه تبدأ بك ومنك، منذ أن تصحو وحتى تنام، أو قل حتى تضع رأسك على وسادة محشوة بالأسئلة التي لم تجد لها أجوبة، وتلك الأسئلة الطازجة التي تفكر بأجوبة لها .ثمة اسئلة يومية شخصية : متى يأتي آخر الشهر، وإن اتى هل يأتي وبيده الراتب، وإن صدق وأتى فكيف ستوزعه على الايجار والاقساط والاولاد، ويعفيك الوضع من سؤال مهم هو: هل يكفي راتب الشهر حتى آخر الشهر فالإجابة معروفة، وتتمنى لو أن آخر الشهر يأتي مرتين في الشهر أو ثلاثا.


وباعتبارك عربيا تسأل : ما هو «داعش»، وما دينه، ومن أوجده ومن موّله ؟؟ وفي التفاصيل تتذكر ان ظهور «داعش» تزامن مع ما سمي «الربيع العربي «.وتتذكر كيف تفككت دول وقتل أبرياء وجاع أطفال وشُرد ملايين وانهارت اقتصادات. ترى كيف اصبحت ارضك العربية مسرحا لحرب عالمية ثالثة لا ناقة لك فيها ولا جملك عاد جملاً، صحراؤك محتلة وخضراؤك تحترق. قاعدة للروس في سوريا وقاعدة للاميركان في الشمال .كعكة العراق تقسمت وجذورك العربية في اليمن تُقتلع. والآتي اخطر وأمرّ. انت قاعد لا حول لك ولا قوة ولا امل. مُقعد على كرسي من خشب نخره سوس الفتنة .حلقك جف وعظامك صارت هي الخشب . نار مجدك انطفأت وليس امامك وحولك سوى الرماد.


وحين تسأل أخاك أو جارك اوصديقك :كيف الحال؟ إما انه يتلعثم كما لوكنت تسأله كيف صعد الانسان الى القمر، او يقول لك بعفوية عربية : الحمد لله بس....ويبدأ يشكو ويبكي على الحال ومنها .صنف ثالث يجيبك : لا ادري كيف الحال! فلم يعد احد يعرف شيئاً منذ أن اصبحنا في اللاشيء .


«من قال لا أدري فقد أفتى» ، مقولة فهمناها خطأً وأرحنا انفسنا من عناء «العلم بالشيء ولا الجهل به» . فالقول المذكور ليس حديثاً نبوياً وإنما هو من كلام الحكماء وأهل العلم، وقصدهم أن السائل يعلم أن المسؤول لا يملك المعلومة التي يسأل عنها فيسأل غيره، ولذلك فهذه الجملة مطابقة لمنهج الإسلام ونصوصه... فلا يجوز للمسلم أن يقول في دين الله ما لا علم له به، فقد قال الله عز وجل: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ، وقال صلى الله عليه وسلم: ومن كذب علي عامدا متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. وقال الامام علي رضي الله عنه: ولا يستحي من يعلم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم.


نعيش ضائعين في تيه كبير والأسئلة تتناسل كالنمل في رؤوسنا : ماذا أريد من الحياة؟ هل أريد مالاً؟ أم وظيفة؟ أم لا شيء؟ أم لا أعرف؟ هل أريد زوجًا جميلة؟ أم أريد زوجًا غنياً؟ هل أريد أن أكون ناجحة في حياتي متفوقة مميّزة؟ هل أريد أن أكون رجلاً عظيماً؟ تختلف الإجابات . ثم ماذا أفعل في حياتي؟ ما الذي قدمته؟ هل حياتي مجدية؟ هل أمارس كل الطقوس التي أريدها وحسب؟ أم هناك اعتبارات اجتماعية ودينية لتصرفاتي؟ هل أنا جاد في دراستي؟ عملي؟ علاقاتي؟ أو أن الأمور تسير مع الرّيح أينما هبّت كنت هناك؟!.