انتصار إربد

نجاح العملية الأمنية في اربد وإفشال مخطط إرهابي يستحق الإعجاب والتقدير غير أن الأمر لا يعني نهاية يمكن الاستكانة إليها؛ لان المخفي ربما يكون أعظم. وفي واقع الحال فإن الذين يهمهم زعزعة الأمن الوطني لن يملوا المحاولات، وهؤلاء من عدة مشارب والعدو الإسرائيلي واحد منها وهو الأكثر حنكة للعب في الخفاء وهذا ما يفعله في سوريا والعراق وغير مكان. 

ومن الضروري فهم آلية عمل داعش وأخواتها وسبل تزويدها العابر للقارات، وإلا ما معنى ضبط شحنة ملابس في اسبانيا معدة للإرسال لهم في سوريا وكأنهم قوات نظامية يحتاجون الزي الموحد الذي يتم تأمينه لهم من أوروبا.

البيئات الحاضنة لتفريخ متطرفين متوفرة ولا يضاف جديد عندما يقال إن مناطق الفقر هي الأكثر تزويدا حد اعتبارها خزانات بشرية، والعقول المستعدة للعمل في أوساطها متوفرة كلما توفرت الأموال اللازمة للإغراء، وإعداد المخططات التفجيرية بانتحاريين أو مفخخات يتم بسهولة في سوريا والعراق، وتصنيع العبوات والمتفجرات بذات السهولة أيضا ما يعني أن الأمر متاح حيث تنمو خلايا للتنفيذ. وللتذكير فإن داعش نمت في سوريا كما في العراق انطلاقا من تناقضات مذهبية في الأساس كحجة شرعية بالنسبة للتنظيم وهو ما يفسر استهداف المساجد والحسينيات، والحال نفسه ليس له أرضية في الأردن، بما يعني أن الاستهداف فيه لا بد وانه موجه لمؤسسات رسمية أو الكنائس لتكون مسرح عمليات.

في حالة الزرقاوي واستهداف الفنادق دلالات ليست غائبة وما زالت حاضرة، وفي حالة داعش لن يختلف الحال كثيرا، وإن صح القول بوجود أكثر من 3 آلاف مقاتل أردني في صفوفه في العراق وسوريا فإن الامتداد لهم موجود بشكل أو غيره هنا، والأكيد أن التنظيم لن يمل التفكير للاختراق بعملية ما، غير أن نفاذه من الصعوبة التي ستجعله أكثر حذرا بما يستوجب مقابله استعدادات اكبر والأكيد أيضا أن هذا الذي يتم الآن.

وفي الدلالات على النجاح الأمني في اربد ما تكشف تكرارا التفاف الناس ضد الإرهاب والتطرف ورفضه، ولا ينبغي مقابله إلا الالتفات لمشروع الإصلاح السياسي الحقيقي الذي سيمكنهم أكثر من تحديد معالم توجهاتهم السياسية الوطنية، وبحيث لا يكون الاستنفار الأمني وسيلة منع أو تضييق، وإنما إضافة للمشاركة الشعبية بإتاحة حرية الرأي العمل السياسي.