"لسعة أمل": قصص واقعية لأشخاص تسلحوا بالأمل وحققوا الكثير
أخبار البلد - علي الرواشدة
لم يقف الشاب محمود الخضور، ذو ألـ 24 ربيعا والمصاب بالشلل الرباعي بحيث لا يستطيع الحركة أو الكلام، عند اصابته الذي لازمته منذ الصغر، بل تسلح بالأمل، وعمل بدعم من والديه، وأكمل دراسته في المدرسة، وهو الآن طالب في الجامعة يدرس تقنيات وحوسبة.
انجازات محمود لم تقف هنا، بل أنشأ مبادرة على فيسبوك تحت عنوان "أنا زيك و حقي مثل حقك" التي تؤكد على حق أصحاب الاعاقات المشروع في تلقي التقبل من المجتمع، كما ألف كتاب "خربشات متمردة" الذي يحث على الأمل والحب والطموح.
محمود جلس على كرسيه المتحرك في عرض "مسرح الفكر الجديد" الذي أقيم مساء أول من أمس على مسرح قصر الثقافة تحت عنوان "لسعة أمل"، وخاطب الجمهور من خلال كتابته على جهاز اللابتوب "لقد خلقت لأكون منقوص الجسد لكني كامل العقل، لكن والدي زرعا في حقيقة أني لم أخلق عبثا، وكبرت مع الأمل وحب الحياة".
التصفيق علا لمحمود من الجمهور، ليأتي صوت يعرب عنابي وصور له على الشاشة تبين مشكلة الوزن الزائد الذي كان يعاني منها، اذ كان وزنه 181 كغم.
وحول معاناته مع السمنة قال يعرب "لم يستطع أحد رؤية معاناتي مع هذا الوزن سواء في الحركة أو صعود الدرج أو ركوب السيارة، أو حتى في شراء الملابس".
أما المعاناة الأكبر لديه فقد كانت النوم، اذ لم يكن يستطيع النوم أكثر من 2 أو 3 ساعات، وعند النوم، كان يحلم بأن يستيقظ ويكون نحيفا، إلا أنه سرعان ما يستيقظ ليجد نفسه سمينا.
وبعد 48 عاما من العيش مع هذا الوضع، تحدث يعرب كيف خسر 90 كغم، بعد أن أيقن أن مشكلته الأساسية كانت هي إدمان الطعام، وقام بالبحث في الأمر، وكيف يمكن أن يتخلص منه، بعد أن حاول عدة طرق لخسارة الوزن ولم تنجح.
قصة يعرب الملهمة، شكلت نموذجا لكثيرين يريدون تحقيق نفس الانجاز الذي حققه، وهو أيضا ما دفع زوجته لأن تخسر 25 كغم.
واستضاف "لسعة أمل"، الذي يأتي بشراكة استراتيجية مع شركة زين وشراكة اعلامية مع قناة رؤيا، سمو الأميرة دينا مرعد مدير عام مؤسسة الحسين للسرطان في حوار لها مع ماهر قدورة.
وعند سؤالها عن سبب اختيارها للعمل في مجال مرض السرطان قالت سموها "المرض هو من اختار عائلتي حيث أصيب ابني راكان وهو في عمر الثالثة باللوكيميا".
وبينت كيف أصابها الاحباط والاكتئاب في البداية، إلا أنها قررت أن تكون "افضل أم في المستشفى التي تعالج فيها ابنها" وبحثت عن المعلومات وقرأت، ومدت ابنها بأهم فيتامين على ما وصفته، وهو "فيتامين الحب".
وتحدثت سموها عن الدعم الذي تلقته من العائلة والأصدقاء، والذي كان أحد أسباب نجاة ابنها ووصله إلى الجامعة اليوم. واعتبرت أفضل لقب لها "أم لابن ناجي من السرطان"، مع اعتزازها طبعا بلقب "أميرة".
وعرفت سموها الأمل بكونه " المحرك والفرشاة التي ترسم لنا الطريق في الحياة".
وفي حديثها مع الشباب شددت سموها على أهمية ترك السلبية والتدخين، وقالت إن السلبية هي "سرطان بحد ذاته يجب مواجهته"؟
مؤسس "فكر جديد" الناشط الاجتماعي ماهر قدورة تحدث في بداية العرض، وذكر عدة قصص لأشخاص تسلحوا بالأمل وحققوا نجاحات عديدة وعالمية، منهم المتسلق الأردن مصطفى سلامة الذي وصل إلى أعلى قمم العالم، والمخرج ناجي أبونوار الذي وصل بفيلم "ذيب" قبل أيام إلى الأوسكار، ورفيعة عناد، ابنة البادية الأردنية التي صممت على تحقيق حلمها وعملت على إضاءة 80 بيت في منطقتها من الطاقة الشمسية، وصلاح الدين أبو الشيخ عالم الرياضيات الذي أطلقت ناسا اسمه على كوكب جديد تم اكتشافه، وغيرهم.
وبين قدورة "هؤلاء لم يقفوا عند خط معين، بل انتقلوا من حالة التمني إلى مساحة الأمل".
وأضاف "انهم يعرفون ان الطريق صعب وهم واقعيون، لكن الأمل بالنسبة لهم مثل الأوكسجين، ونقصه سيجعلنا نعيش معاناة".
وقال أن "الأمل قناعة تولد داخلنا بان الغد أفضل من اليوم، وأننا قادرون على التأثير في المخرجات. وأضاف أن "الأمل قرار، وأسلوب حياة، وقابل للتعلم، وهو المحفز للاستيقاظ صباحا و البدء بمواجهة الحياة".
وتوجه إلى الشباب قائلا "إنه قرارك، هل تريد أن تكون شخص متسلح بالأمل ولديك حلم وطموح، أم شخص غير مؤمن بقدراتك وثقتك بنفسك مهزوزة؟"
التفاعل كان يتزايد خلال العرض الذي حضره حوالي 1200 شخص، سواء بشكل مباشر مع الجمهور أو على قنوات التواصل الاجتماعي. ووصلت انطباعات هشا تاغ #لسعة_أمل على تويتر إلى 25 مليون انطباع، كما وصل عدد المعجبين بصفحة "فكر جديد" على فيسبوك إلى 985 ألف معجب.
وكان نفس العرض قد قدم في وقت مختلف لحوالي 1300 طالبة وطالب من مبادرة "إنجاز" لبث الايجابية وأهمية التسلح بالأمل لديهم.
من جهته أكد الرئيس التنفيذي لشركة زين الأردن أحمد الهناندة على أهمية ما تقوم به مبادرات "فكر جديد" وعملها على نشر التفكير الإيجابي وفتحها لآفاق جديدة للشباب.
وأشار إلى توافق رؤية شركة زين ومبادراتها مع رؤية وأهداف "فكر جديد"، مبيناً أن ذلك ما دعاهم لعقد اتفاقية شراكة استراتيجية مع "فكر جديد".
وأضاف الهناندة "نعتبر خلق بيئة ملهمة للتفكير الإبداعي للشباب الأردني ودعمهم للوصول إلى التغيير الإيجابي من أهم أولوياتنا، حيث تحرص زين دوماً على توفير كل ما من شأنه تحفيز الشباب لإطلاق ما بداخلهم من إبداعات وطاقات إيجابية، كونهم بناة المستقبل."
أما قصة عائلة أم محمد، فكانت الأكثر تأثيرا خلال العرض. فالعائلة فقدت الأب وهو في عمر ألـ 33، ليترك 6 أطفال، أكبرهم كان في عمر التاسعة، ووالدتهم التي قررت أن هذه العائلة تحتاج إلى قبطان.
أم محمد، وهي سيدة لم تكن تحمل أي شهادة ولا ليس لديها أي مصدر دخل ولا ضمان، تصرفت مع عائلتها بحكمة، واشتغلت في الخياطة، ودرست مع ابنتها الوسطى في المدرسة، وصبرت وعلمت أولادها أهمية أن يكملوا تعليمهم وأن يصبحوا وقتها قادرين على العطاء وليس فقط الأخذ.
نجاح أم محمد تمثل في نجاح أولادها، فزكريا حصل على المركز الأول في التوجيهي في المملكة وهو الآن يعمل في أمريكا مع شركة جنرال موتورز، ومحمد يملك شركة لها فروع في عدة دول، ووداد تعمل في منظمة دولية، ونهاد ناشطة في العمل الانساني، وليلى تعمل في مجال حقوق الأطفال.
د. سهيل جوعانة الذي يعمل في مجال التدريب الموارد البشرية ونشر الإيجابية دائما كان من بين المتحدثين في مسرح الفكر الجديد في نسخته ألـ 11.
وروى جوعانه قصته عندما أصيب قبل أشهر بورم سرطاني نادر نسبة الاصابة به في العالم لا تتعدى 2%، وبين كيف هنا واجه نفسه، وسأل نفسه بشكل حقيقي "هل ستتبع ما تقوله للناس، وهل أنت قادر على ذلك".
ووجد جوعانة أن الحل الوحيد هو المواجهة والتسلح بالأمل واستئصال الورم كليا، ووصف تجربته بأنه "شعرت بنبضات الأمل وسط آهات الألم".
وختم حديثه قائلا "نحن محاطون بأورام من التصرفات السلبية في المجتمع"، وقال "لقد وجدت أن الأمل هو الورقة الرابحة الوحيدة، وهي في النهاية ثلاثة أحرف: أ ل م، وأنت مسؤول عن كيف تريد أن ترتبها: ألم أم أمل".
ومن المتحدثين كانت الطفلة جنى طنطش، ا لتي شاركت من قبل في فكر جديد مدارس، وتحدثت كيف قررت المساهمة والعمل من أجل دعم مؤسسة الحسين للسرطان، حيث قامت بصنع الاكسسوارات من الخرز وبيعهم بمبلغ 455 دينار والتبرع به لصالح مركز الحسين للسرطان.
وأشارت إلى استفادتها من مسرح فكر جديد مدارس، الذي طور مهاراتها وصقل شخصيتها.
يذكر أن "مسرح الفكر الجديد" هو احد مبادرات "فكر جديد" التي أطلقتها مؤسسة الجود للرعاية العلمية وتضم مهرجان الفكر الجديد ومسرح جديد في المدارس والجامعات.