الصحافة الأردنية تشجع الإنفتاح على حماس وتحذر من إعتبار الثورات إنفلونزا ينفع معها المسكن

اخبار البلد--  - بدت الأجواء ملبدة بالغيوم وفي حالة ترقب مع نهاية الأسبوع بالنسبة للصحافة الأردنية التي إستعدت بعد شهرين من الإستنزاف والترقب لإختيار وإنتخاب نقيبها الجديد فيما بدا أن الحكومة سعت لتأجيل تغييرات في المناصب العليا على مستوى الإعلام الرسمي إلى ان ينتهي الموسم الإنتخابي الذي يشهد صراعا حاسما بين دعاة التغيير والإصلاح ورموز العمل على تثبيت الأمر الواقع.
لكن الصحافة المحلية إنشغلت بعدة موضوعات وملفات من بينها حالات النزوح التي بدأت تشهدها مدينة الرمثا شمالي البلاد القريبة جدا من درعا السورية وتراجع حدة الإعتصامات المحلية والحسابات الإقليمية المعقدة المرتبطة بالمشهد السوري وأخيرا ملف التعديلات الدستورية الذي قفز إلى قمة واجهة الأحداث هذه المرة بعد تشكيل لجنة ملكية تتولى الأمر.
وعلى الصعيد الإقليمي لاحظ رئيس تحرير صحيفة 'العرب اليوم' فهد الخيطان بأن
سنوات القطيعة بين بلاده وحركة حماس لم تشهد اي ازمات تُذكر. فقد التزم الطرفان بعدم اثارة مشاكل بينهما وامتنعا تماما عن اي تصعيد في وسائل الاعلام، لا بل ان الاردن وافق على التعامل مع قيادة حركة حماس في غزة في اطار مهمة انسانية وطبية ما زالت مستمرة.
'وقال الخيطان: منذ اشهر قليلة فقط بدأ اصحاب القرار اكثر تقبلا لفكرة الانفتاح على حماس، وبعد سقوط نظام مبارك في مصر اصبح المسؤولون الاردنيون يتحدثون بشكل صريح عن ضرورة الانفتاح على حركة حماس وعن امكانية قيام الاردن بدور مباشر في جهود المصالحة الفلسطينية، ودعم هذا التوجه شعور القيادة الاردنية بفشل عملية السلام جراء التعنت الاسرائيلي وانسداد الأفق على المدى المنظور لأي تحرك دبلوماسي فعَّال، بعد التراجع الكبير للدور الامريكي، وانشغال ادارة أوباما بالملفات الداخلية ولاحقا بالتحولات الثورية الجارية في العالم العربي وفي هذا السياق يمكن قراءة ما تناقلته وسائل اعلام عن اتصالات ولقاءات سرية بين مسؤولين أمنيين اردنيين وقادة في حركة حماس.
ويؤكد مراقبون حسب الكاتب الخيطان ان استئناف الاتصالات الاولية مع 'حماس' ليس معزولا عن التطور الايجابي في العلاقة الاردنية القطرية وخلص الكاتب إلى: ثمة ملفات كثيرة بحاجة للبحث بين الاردن وحركة حماس لا يمكن التفاهم حولها بغير الحوار والاتصال المباشر على كل المستويات. وفي صحيفة 'الدستور' تحدث الكاتب حلمي الأسمر عن إستخلاصات مهمة بعد ثورة مصر وتونس، معتبرا ان ثورات الربيع العربي ليست هبة مؤقتة، أو مجرد أنفلونزا يمكن معالجتها بالمسكن وبعض المضادات الحيوية والخلود إلى الراحة، إنها موسم التغيير بكل ما يحمل من معانٍ، تغيير لن يقف عن حدوده السياسية، بل سيطال كل البنى القائمة، على نحو أو آخر!
وشدد الأسمر على انه لا يوجد أي بلد عربي في منأى من التغيير وقال: لعبة التآمر والمندسين والتدخل الخارجي، والعصابات المسلحة والسلفيين، والتخويف من الإسلاميين المتطرفين، لم تعد لعبة مسلية، بل بدت باهتة ومثيرة للسخرية و النظام الذي يقتل شعبه، والجيش أو الجهاز الأمني الذي يبيح دم أهله، يوقع على شهادة وفاته فورا.
وفي صحيفة 'الغد' قال الكاتب محمد أبو رمان ان المشهد السوري مؤثر جداً في وجدان الأردنيين جميعاً، ليس فقط للبعد القومي والإسلامي، ولا فقط للجوار الجغرافي، بل حتى بسبب الصلات الوثيقة بين الشام وعمان ثقافياً واجتماعياً وسياسياً وقد شاهدت في الأيام الماضية مقاطع فظيعة ومؤذية لضرب مبرّح تعرّض له أستاذ جامعي سوري على أيدي الأمن السوري، مع الألفاظ النابية ضده، وأمام الجميع، فقط لأنه انتقد النظام السوري، وشاهدت مقاطع لفتيات ونساء تم اعتقالهن بوحشية من الشارع لأنهن هتفن للحرية في دمشق، فضلاً عن صور صادمة وقاسية لأطفال ومدنيين تعرّضوا لرصاص القناصة والأمن الذي تحوّل إلى أداة للقتل والإذلال بلا رحمة ولا إنسانية، وهي مشاهد ربما لم نرَ مثيلاً لها حتى في عدوان إسرائيل على غزة!
في سياق هذا المشهد المبكي والمؤلم - قال أبو رمان - خرج علينا مدير مكتب الجزيرة غسان بن جدّو، باستقالته احتجاجاً على التحول في تغطية الجزيرة للمجازر التي تحدث هناك، وهو ما يظهر بوضوح ازدواجية الخطاب لدى نسبة كبيرة من الذين ينادون بالحرية والديمقراطية، ويتهمون الإدارة الأمريكية بالازدواجية، وهم 'أسياد' هذه الشيزوفرينيا والشرخ الكبير بين الأجندات الشخصية والقيم التي لا يجوز أن تتجزأ، هذه الحالة، نفسها، نجدها لدى طيف من المعارضة الأردنية، وقد صُدمت بشدّة وأنا أجد هنالك من 'معارضينا' من يغمض عينه تماماً عن المجازر والفظائع في سورية، ويبرر ما يحدث، بحجة سخيفة سمجة اسمها 'حصن الممانعة'!
وفي صحيفة'الرأي' قال الكاتب الدكتور فهد الفانك ان العنوان الطبيعي لهذه المرحلة هو الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، أما الإصلاح الاقتصادي فقد تم تنفيذ الجزء الأكبر منه تحت اسم التصحيح الاقتصادي، خلال 15 عاماً بدأت في ربيع عام 1989، وقد استعمل الإصلاح الاقتصادي بعد ذلك للمماطلة في الإصلاح السياسي ويعـود الآن شـعار الإصلاح الاقتصادي (الذي لا يقل أهمية عن الإصلاح السياسي) إلى الواجهة بحيث يمكـن توزيع الاهتمام على جبهتين، مع أن فتح الجبهة الاقتصادية ليس لازماً، فالمطلوب (إجـراءات) اقتصادية وماليـة لتشـجيع النمو وتصويب المركز المالـي وليس إصـلاحاً يتناول الهيكـل الاقتصادي المستقر.
وإعتبر الفانك الهيكـل الاقتصادي في الأردن أفضل من أي بلد عربي آخـر، ونقطة الضعف الرئيسية تكمن في الإدارة المالية للموازنة، والقرارات الحكومية المتتابعة استجابة للضغوط والابتزاز، ورش المال على مختلف القضايا، وكأن الحكومة تملك أمـوال قارون وكـل هذه القرارات والتحسـينات والأعطيات والمكاسـب ممولة بالدين، حتى بلغت حصة العائلة الأردنية المتوسطة 12 ألف دينار، والبحث جار عـن مقرضين مثل البنك الدولـي والصناديق العربية والصكوك الإسـلامية وسـندات الخزينة وأذوناتها، وكل وسيلة توفر مالاً لإنفاقـه اليوم على أسـاس أن الغد سيعتني بنفسه.