دعوات في غير محلها...

كلمات وتصريحات لمسؤولين في القطاعين العام والخاص يقف المراقب بدهشة حيالها...منها على سبيل المثال دعا رئيس هيئة من هيئات القطاع الخاص الى زيادة المبادلات التجارية بين الاردن ودولة اخرى،.. ومنها دعا الوزير الفلاني لتحسين اداء موظفي تلك الوزارة المكلف بمسؤوليتها، واخرون يطالبون في كثير من الاحيان بتطبيق الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الاطراف والاستفادة منها..وهكذا دواليك، ويتبادر لذهن المراقب ان هناك شخصا آخر مسؤولا عن تلك الهيئة او الوزارة..وفي حقيقة الامر ان تلك التصريحات والدعوات غير منتجة وهي في غير محلها.

اللقاءات بين مسؤولين محليين مع نظرائهم من دول عربية او اجنبية تخرج بتصريحات وردية، وفي واقع الحال تنتهي مع مغادرة الوفد الضيف، والسبب في ذلك ضعف الاعداد المسبق لهذه اللقاءات، والتركيز على الاجتماعات البروتوكولية، إذ لاينتج عنها اتفاقيات محددة تطبق وفق برامج تنفيذية زمنية، وفي وسائل الاعلام تنشر التصريحات والصور، وهذا افضل ما يمكن الافصاح عنه.

العجز التجاري سببه عدم الاعداد الكافي للاتفاقيات بين الاردن والدولة الاخرى، وتكون الاشادة عالية بالتوصل لاتفاقية للتبادل التجاري الحر بين البلدين، ومع التطبيق نجد الدولة العربية و/ او الاجنبية تدخل بثقل وتطرح منتجاتها في اسواقنا، وفي بعض الاحيان تكون مدعومة في دولة المنشأ، اما منتجاتنا المثقلة بالكلف والضرائب وكلف التمويل تقع في المحظور، عندها يبدأ التذمر من شبه الاغراق ومطالبات وزارة الصناعة الحماية بتقنين الاستيراد، وهذا غير متاح باعتبار الاردن يلتزم حرفيا بالاتفاقيات التي يبرمها، ومن الامثلة على ذلك اتفاقية الشراكة الاوروبية الاردنية، واتفاقية التجارة مع تركيا وغيرهما الكثير.

تعارض المصالح التقليدي بين التجار والصناعيين متعارف عليه، وفي الاردن يطرح مسألة ملف الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الاطراف ودور القطاعين ( الصناعي والتجاري) في الاتفاقيات، اذ المطلوب بلوغ قاسم مشترك بين الجانبين لحماية المنتجات الوطنية من جهة والمحافظة بتوازن على انفتاح الاقتصاد الاردني على العالم من جهة اخرى، وحماية المجتمع من تشوهات في النمط الاستهلاكي الذي تفاقم خلال العقدين الماضيين، وحملنا اكثر مما نطيق.

الحكومات والمؤسسات المختصة هي المسؤولة عن الاتفاقيات، وان القرارات التي تتخذ يفترض ان تطبق بدون مجاملة اي كان، وان القطاع الخاص هو المعني باغتنام الفرص واقامة المشاريع بدون ان يخرج علينا تاجر قد لا يملك «سوبر ماركت» يدعو للاستفادة من العلاقات الطيبة مع الدولة الفلانية، والافضل والاكثر اقناعا ان ينفذ ما يدعو غيره الى تنفيذه...فهذه الدعوات لن تتجاز من يطلقها.