القوة الذكية ... والقوة الغبية !!!


لم يعد امتلاك عناصر القوة بأشكالها المختلفة كافياً لنجاح اي دولة كبرى في تحقيق اهداف سياستها الخارجية وفي التأثيرعلى الدول الاخرى حيث اصبحت هناك اهمية متزايدة لكيفية توظيف الدولة العظمى لما تمتلكه من اشكال جديدة للقوة ومن هنا جاءت اهمية الحديث عن القوة الذكية كمقابل للقوة الغبية كذلك الامر الحديث عن القوة المدنية كمعبر عن التفكير الجديد لتوظيف عناصر القوة المختلفة اتجاه الدول التي تمارس عليها القوة فبعد الحرب الامريكية على افغانستان في عام 2001 والحرب على العراق في عام 2003 دار جدل داخل الولايات المتحدة من قبل السياسيين والاقتصاديين والخبراء ومراكز الدراسات حول القوة الذكية والقوة الغبية حيث اعتبر الغالبية ان ادارة الرئيس الامريكي السابق بوش ليست ادارة ذكية في توظيف امريكا لسياستها الخارجية نتيجة لاستخدامها القوة العسكرية المفرطة في مواجهة العراق وافغانستان بحجة الارهاب وامتلاكهم لاسلحة كيماوية وغيرها وهذا يتناقض مع عصر ثورة التكنولوجيا والاتصالات وتبادل المعلومات وسياسة توظيف العلاقات العامة الدولية بالتعامل مع هذه الدول النامية وطالب هذا الفريق الامريكي بضرورة تنبه الولايات المتحدة لممارسة القوة الناعمة مع حفاظها على قوتها الصلبة وجمعهما في قوة واحدة تعرف بالقوة الذكية في استراتيجية واحدة للتأثير على تلك الدول بعد ان يتم تحديد الاهداف والنتائج المرجوة ومعرفة الموارد المتاحة والاولويات المراد التأثير فيها وأي نوع من القوة سيتم الاعتماد او البدء فيها مع تقديرات النجاح لكل منهما فأمريكا نجحت باستخدام قوتها الصلبة لمواجهة اليابان وجعلتها تستسلم كذلك استخدمت قوتها الناعمة في اعادة اعمار اليابان والسيطرة على اقتصادها من خلال تبني خطة مارشال ونشر الثقافة والقيم الديمقراطية بالاضافة الى ان الولايات المتحدة الامريكية قامت بانشاء هيئة المعونة الامريكية بهدف ربط دبلوماسيتها بالتنمية واطلقت شراكة الحكومات المنفتحة لتفعيل القوة المدنية ولتعزيز الشفافية والمساءله وانفتاح حكومات تلك الدول النامية على المجتمع المدني والدولة المدنية تعمل على تحجيم وتقييد العنف المنظم في الصراعات الداخلية ومواجهة الصراعات العابرة للحدود والتركيز على منظمات المجتمع المدني في تعزيز الامن المدني وهذا جدل السياسيين في الولايات المتحدة المركز على تبني سياسات فعالة لاستخدام القوة بانواعها فهناك دول تمتلك قوة اعلامية مؤثرة في سياسات دول اخرى رغم صغر حجم تلك الدول فبعد حرب العراق فقدت الولايات المتحدة الكثير من علاقاتها وسمعتها في الشارع العربي لتكون خصماً ونداً في العلاقات بين العالم الاسلامي والعالم الغربي ونظر الكثير اليها على انها دولة استعمارية لذلك تعمل حالياً الولايات المتحدة باسلوب القوة الذكية ولبث الامل بالشعوب لتحسين صورتها وعلى انها تحارب الارهاب لتحمي الشعوب وايجاد حالة من الحوار والتفاهمات للوصول الى نتائج ترضي الجميع وتحقق مصالحها واستخدام الدبلوماسية المكوكية من اجل ذلك مع اتباع سياسة زيادة ارتباطها الى اكثر من التفاعل مع حكومات الدولة لانه في عصر المعلومات يكتسب الرأي العام اهمية وقيمة اضافية حيث ان الجهات الغير حكومية لها قدرة وتأثير في تحريك الشارع والجماهير مع الاشارة الى ان دور سفير الولايات المتحدة في تلك الدول النامية يجب ان لا يقتصر على النواحي الدبلوماسية مع الحكومة فقط بل ابعد من ذلك ليأخذ التواصل الاجتماعي والاجتماع مع النخب المجتمعية والسياسية والتواصل مع الجمعيات بانواعها ودعمها بوسائل متعددة لكسب رضاها وللتأثير في سلوك الكثيرين لكسب مودتهم وتحالفهم معها من خلال مد الدعم المالي والمعنوي اليها وهذا ما هو حاصل في وقتنا الحالي من ممارسات متعددة ومتنوعة لاساليب التواصل الدبلوماسي مع المجتمعات المحلية واستقطابها وتغير مفاهيمها وافكارها والتأثير عليها .

المهندس هاشم نايل المجالي

hashemmajali_56@yahoo.com