حرية « الهيمان»..

تقرير مثير تنشره « السبيل» عن ظهور مجموعة من «الهائمين على وجوههم في الزرقاء» .. دون أن تكلف أية جهة رسمية نفسها عناء الالتفات لهم أو متابعتهم.. بل والانكى ان ثلاث جهات رسمية هي « الأمن العام، وزارة التنمية والصحة» اعلنت ان هؤلاء ليسوا ضمن اختصاصها.
ومن طريف « التقرير» أن الجهات الحكومية الثلاث القت بـ» المسؤولية» على الاخرى.
ولكن حقاً.. هؤلاء مسؤولية من؟.
أقصد حين يسقط انسان من حسابات السوق، ويغدو بلا عمل واسرة، هائما على وجهه، مختاراً ارصفة الشوارع ورطوبة الازقة وقذارتها مسكناً ومقراً، بديلا عن وجوه كالحة وقلوب صماء وأوراق جاهزة، ومواقف جاهزة، والحد الادنى للاجور، ومعونات الفقر المدقع..وتحت المدقع، وطوابير التنمية .
حين يفقد الرغبة في مواصلة الجري وراء لقمة العيش، ولقمة العيش تركض، والاسعار تركض، والذين ينهشونه يركضون ورائه، والحكومات بكامل قيافتها وخططها للتحسين الاقتصادي تبشر بالرفع..
المسؤولية الحكومية تجاههم انحصرت، كما بين التقرير، في حال ارتكب اي منهم جرماً أو جنحة، وابرزها التسول.
وما يحير أن هؤلاء لم يمدوا ايديهم للتسول؟ هل تعرفون لماذا؟ لأن التسول وجني المال ليس من ضمن مواهبهم ولا اهتماماتهم.
تساؤل مثير أطرحه على هامش التقرير: أين الجمعيات الخيرية منهم!. وأين المؤسسات والمراكز المعنية بحقوق الانسان، وعدد ها وسابقتها يتجـــاوز آلاف؟ .
وأخشى ما أخشاه أن تتلقف إحداها القصة لتباشر بعقد مؤتمر لمناقشتها؛ يتحدث به المتحدثون، ويدلي برأيهم الخبراء والمختصون، ثم.. ينفض الجمع بعد تناول طعام الغداء دون حل.
..إذن، ما يمكن استخلاصه: يمكنك أن تهيم على وجهك كما تشاء، إذا لم تخرق القانون؟.
يمكنك ان تريح رأسك على اي سور أو رصيف شارع أو عتبة صرح تذكاري، وأن تفترش ما تيسر لك من قطع كرتونية أو ملابس وبطانية رثة، لا تقي برداً ولا توفر دفئاً في هذا الجو قارس البرد، بشرط الا تعكر صفو « الحكومة» واصحاب رؤوس المال.
إنها حقاً حرية جديدة.. حرية الهيمان. وهناك من «يهيمون» وهناك من يفكرون بالهيمان!.