ملاحظات على الامن الناعم
لقد ادى العمل بسياسة الامن الناعم الى التعدي على القوانين و الانظمة و التشريعات,و الاعتداء و الاستقواء و مقاومة رجال الأمن حتى وصل الحال الى قتلهم , كثرت المشاجرات و الاعتداءات على الاطباء و المعلمين و التجار و الطلاب و اخد المعتدي يجاهر ان اذهبوا و اشكوا الحال الى الشرطة و بدون ايه خشية لملاحقة امنية او قانونية , بل ان اجهزة الامن اصبحت غالبا ما تعجز عن فض هذه الاشتباكات و القبض على متسببيها
و اكتفوا بتحرير الشكاوى و لسان حالهم القول ( اذهبوا و احموا انفسكم) او (اذهبوا الى محاكم العصابات) مما افقد المواطن و رجل الامن على السواء الثقة بالدولة و اجهزتها و اصبح كلاهما يحتمي بعشيرته عوضا عن الدولة.
ادى ضعف هيبة الدولة الى خلق مجموعات من الاشرار على شكل عصابات و مجاميع تجوب الوطن طوله و عرضه و في قلبه (شارع سقف السيل) . و استفادت هذه من التراخي و الضعف بأن احكمت قبضتها على الشارع فمنها من عمل على سرقة السيارات و مطالبة اصحابها بدفع الاتاوى, و منها من عمل على التعدي وتهديد اصحاب المحلات و التجار ومطالبتهم بدفع الخاوة وقطع الطرقات, و اخرى ذهبت الى تجارة و ترويج المخدرات و التحرش بالنساء و الدعارة واخرين للنصب والاحتيال والابتزازوالتهديد والقتل . اننا لن نتحدث عن افلام سينيمائية عند القول بأن هذه العصابات قد شكلت جهاز امني و قضائي قائم على شريعة الغاب موازي و بديلا عن اجهزة الدولة و قد حلت محل اجهزة الدولة و اصبح الاحتماء و الشكوى اليها بديلا عن الاحتماء و الشكوى للدولة و اجهزتها .
و قد ادى ضعف هيبة الدولة الى بروزفئة انتهازية تناغمت مع المجاميع و اخذت تشاطرهم المال الحرام بغية التغاضي عنهم و تسهيل مهامهم بل و الدفاع عنهم و اصبحوا يتعاملون معهم بروح الفريق الواحد و التنسيق قائم بينهم من خلال الهاتف الخلوي فاستخدموا مناصبهم للربح الخاص الحرام و بدون اية وازع ديني او اخلاقي و تمردوا على التوجيهات و التعليمات الصادرة لهم و التي تعارض مصالحهم بل و تطاولوا على روؤسائهم دون الخشية من المحاسبة او المساءلة او العقاب مما ادى الى عرقلة وتردي اداء اجهزة الدولة و مؤسساتها بل و اصابتها بالغيبوبة و الشلل,وادى بالتالي صعوبة السيطرة على هذه المجاميع الشريرة كون ان لهم فئة انتهازية تؤازرهم وتعرقل عمل اجهزة الدولة ومؤوسساتها و من ناحية اخرى اخذوا يبتزون المواطنين و اصحاب الاعمال و الشركات و التجار و نتيجة لغياب المحاسبة و المساءلة تشجع اخرون على الاقتداء بهم فتفشت الرشوة على نطاق واسع جدا و اصبحت كالروتين فلا تنجز معاملة او تقبل شكوى (هنا او هناك دون حصول هذا الموظف او ذاك على الرشوة ), و هنا يحضرنا التذكير بضرورة تطهير اجهزة الدولة و مؤسساتها من هذه الفئة الانتهازية بزيادة التفتيش و المراقبة و المحاسبة و المساءلة و العقاب ولا نبالغ اذا ما قلنا ان مؤشر الفساد في اجهزة الدولة و مؤسساتها تضاعف عدة مرات من ابتداء العمل بمقولة الامن الناعم.
اما حكم الشريعة الاسلامية السمحاء بالنسبة للرشوة فقد قال رسول الله صل الله عليه و سلم ( كل جسد نبت من سحت فالنار اولى به ) قيل: ما السحت يا رسول الله؟ قال : الرشوة, و قال صل الله عليه وسلم: ( لعن الله الراشي و المرتشي و الرائش).
و اما حكم الشرع بالباغي و المعتدي و الشرير و طالب الخاوات (الصائل) فيقول الشرع الالهي العظيم قال تعالى :( و اعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا عليكم ) و قوله تعالى :( و ان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم ) صدق الله العظيم. و قول رسول الله صل الله عليه و سلم ( من قتل دون ماله فهو شهيد و من قتل دون دينه فهو شديد و من قتل دون دمه فهو شهيد و من قتل دون اهله فهو شهيد ). و كما اتفق الفقهاء بأن دفع الصائل (المعتدي )واجب و يعتبر من الجهاد و ان لم يكن دفعه الا بالقتل جاز قتله و اتفقوا ان(المعتدى عليه) اذا قتل الصائل (المعتدي) فلا مسؤلية عليه ولا دية ولا قصاص لأن الصائل باغ و المصول عليه كان يؤدي واجبه في الدفاع عن نفسه لقوله تعالى (و الذين اذ اصابهم البغي هم ينتصرون ) صدق الله العظيم و ما ورد في صحيح البخاري بأن رجلا قد جاء الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله : ارأيت ان جاء رجلا اراد اخذ مالي ؟ قال : فلا تعطيه مالك , قال : ارايت ان قاتلني؟ قال : قاتله , قال : ارايت ان قتلني؟ قال : فأنت شهيد , قال : ارايت ان قتلته ؟ قال : هو بالنار ).
و اخيرا اذا كان الامن الناعم يعني الاعتداء على القوانين و الانظمة و شرع الله و ابتزاز المواطنين و نشر الفوضى و هدر الدماءو هدر عشرات السنين من البناء للدولة الاردنية الحديثة على ايدي الشرفاء و الغيورين تحت الراية الهاشمية المظفرة و ارجاعنا عشرات السنيين الى الوراء والى شريعة الغاب.