التطاول على الكبار سلوك مقيت

التطاول على الكبار سلوك مقيت !

 

بقلم: شفيق الدويك

 

و في كل مرة، كان المشرف على رسالة الماجستير، أطال الله في عمره، يعيد إليّ النسخة البيضاء (المسودة) و قد تحول لونها الى الأحمر من كثرة ملاحظاته، و كان ذلك الأمر يحوّل مساحة لا بأس بها من لون شعري الأسود الى اللون الرمادي و أحيانا الى اللون الأبيض، لأن مجرد وجود اللون الأحمر على مسودة الرسالة يزعزع ثقة المرء بنفسه، و عملية معالجة الملاحظات تتلف الأعصاب التي كانت متعبة أساسا.

 

إقترحتْ عليّ زوجتي أن لا أبدأ في إجراء التعديلات الأخيرة قبل تغيير صفحة نفسيتي. و على ضوء ذلك خرجنا لنمشي عبر الطريق المؤدية الى السيرك القريب من منزلنا في شارع المدينة المنورة في عمّان وذلك قبل غروب شمس ذاك اليوم بقليل.

 

وقفنا نستعرض أسود السيرك و هي في أقفاصها، و نتأمل عن قرب ملامحها، و نتحاور معها بلغة العيون.

 

تقدم حارس السيرك و معه كلبه (بعيد عن السامعين) من أقفاص الأسود بعد أن القى الحارس السلام علينا.

 

هجم الكلب (بعيد عن السامعين) على الأسد الأكبر المقيد في قفصه، و أخرج نباحا قويا فيه تهديد و وعيد الجبان الذي لا يمكن لأحد أن يدركه، و إكتفى الأسد بتحريك يده الحرة، و كان يوزع نظراته بين ثلاثتنا، و فهمت منه أن من أصعب ما يواجهه الكائن الحي مروره بتجربة تطاول الصغار على الكبار !