تراكم الاخطاء
لم تكن التسريبات التي اشارت الى زيادة رواتب موظفي الحكومة من خمسين الى مائتي دينار،على اساس هيكلة القطاع الحكومي،دقيقة ابداً.
سرت المعلومات كالنار في الهشيم،والكل يسأل عن موعد الزيادة المنتظرة،والكل يسأل عن مقدار الزيادة، باعتبار ان حدّها الادنى هو خمسون ديناراً،وحدّها الاعلى مائتا دينار.
الكارثة ان لا احد تنبه الى ان هذه مجرد دراسة،مرتبطة بمشروع الهيكلة الذي يعني تخفيف عدد الموظفين،خصوصاً،في المؤسسات المستقلة،وتعني ايضاً،خفض رواتب مرتفعة،وتعني ايضاً،الغاء مؤسسات،وتخيير الموظفين بين البقاء والتقاعد ضمن صيغ معينة.
هل سمعتم في حياتكم عن هيكلة في اي قطاع حكومي في الدنيا او شركة،تؤدي الى رفع الرواتب،ام ان الهيكلة تعني دوما التخلص من الموظفين،وتخفيض الاعباء المالية؟!.
هذا معنى الهيكلة،اي ترشيق الجهاز الحكومي،مقابل تحسين رواتب عدد اخر من الموظفين،وهكذا فإن كل القصة خطيرة لانها تعني خسارة الالاف لوظائفهم،وتغطية هذه الخسارة بالحديث عن زيادات مجزية لقطاع اخر.
لا الحكومة الحالية ولا التي قبلها،ولاالتي بعدها تقدر على هكذا زيادات مالية،ولا حتى على قصة الهيكلة،ولا ايضاً على فتح ابواب الوظائف،وحكومة الرفاعي اعلنت ان لاوظائف لديها،فيما الحكومة الحالية اعلنت عن عشرين الف وظيفة،لم تنفذها بعد.
السبب واضح ومعروف،الخزينة تعاني من وضع صعب جداً،وفروقات الغاز المصري تصل الى مايزيد عن نصف مليار،والعجز والدين العام بلغ مبلغاً فلكياً،ما يضع اقتصاد البلد امام قرارات صعبة جداً.
مسؤولون اقتصاديون يقولون ان السعر العادل للمشتقات النفطية يجب ان يرتفع خمسة وعشرين بالمائة،بدلا من السعر الحالي،وقد حذر مسؤولون من هكذا خطوة حساسة ستؤدي الى توتر شعبي،واقترحوا تقسيط هذه النسبة على دفعات.
بهذا المعنى امامنا رفع لاسعار المشتقات النفطية خلال ايام،قد يصل الى حدود السبعة بالمائة،وامامنا بعد قليل رفع لاسعار الكهرباء والماء،لعدم تجاوب المصريين الذين كنا نشتري منهم متر الغاز المكعب بدولار،ويطالبون اليوم بثمانية دولارات.
ارتفاع الغاز المصري وانقطاعه ايضاً بسبب تفجيرات الخط،يؤدي الى الاعتماد على النفط في توليد الكهرباء،وفي كل الحالات،امامنا رفع كبير على الكهرباء وكل السلع الصناعية والزراعية وغيرها لدخول الكهرباء عنصراً في انتاجها.
هذه مشاكل توارثتها الحكومات،واحدة تلو الاخرى،حتى وصلنا الى عقدة كبيرة،لامجال الا التعامل معها،واذ تقول للاردني استعد لما هو مقبل وآت،يشعر بغضب لان وضعه الاقتصادي لايحتمل اي اعباء جديدة.
لازيادات على الطريق من خمسين الى مائتين،وعلينا ان ندعو الله ان لاتتم الهيكلة ايضاً،لانها ستؤثر على حياة الالاف،فيما امامنا صيف لاهب بأسعاره على كل المستويات.
وضع مأساوي،سببه تراكم اخطاء الحكومات،حتى وصلنا الى هذه المرحلة غير المسبوقة،التي لم يعد لها دواء،سوى الدواء المعتاد ذاته،اي جمع المال من جيوب الناس.