طب (الهميوباثي) و.. فتّاحة الأشرفية

اعترفت لي إحدى الصديقات، وهي شاعرة وكاتبة صحفية بأنها زارت "الفتّاحة أم أنيس” في بيتها بالأشرفية لتحل لها مشكلتها مع زوجها.

الطريف هنا، والمفجع، ان مشاكلها المتكررة مع زوجها هي بسبب رغبتها والحاحها الدائم بأن تكمل دراسة "الماجستير” !

تذكرتُ ذلك وأنا أقرأ بحثاً عن الإكتشافات والبدائل والصيغ الجديدة في علم العلاج ، حتى أن عبارة ( الطب التقليدي ) لم يعد المقصود فيها الآن " الطب الشعبي " كما كان يُفهم سابقاً ، وما له علاقة بالوصفات والأعشاب والعطّارين ، بل إن (الطب التقليدي) الآن هو طب العيادات واطباء الاختصاص وغرف التخدير في المستشفيات !

والطب الحديث هو طب جديد، يستفيد من تقنيات العصر، واسئلته ، وإجاباته ، فمثلما مرّت فكرة العلاج بمراحل طويلة من التطور منذ استخدام حني الجذع والركوع المتواصل كعلاج للمغص مروراً بمضغ العشبة الجافة وصولاً إلى غليها ، وحتى اختراع حبة ( الباسكوبان ) السحرية، يجري عدد من العلماء تجارب الآن لرصد تأثير العتمة والضوء على (المغص) !!

فلا غرابة بعد ذلك أن يتوصلوا لنتيجة أن ضغطك على مفتاح الضوء قد ينهي ساعات من آلام البطن !
اما الطب المعروف بطب ( الهميوباثي ) والمنتشر حاليا فهو يعتمد فكرة في غاية الذكاء ؛ وهي انه لا وجود لمرض بل هناك مريض. أي أن كل حالة من الألم لها علاجها ، فلا علاج ينفع لكل ألم !

وهذا الطب الذي بدأت مراكزه تنتشر في العالم العربي ، ليس جديدا تماما في أوروبا ، حيث أن 30 % من الفرنسيين يلجأوون له ، وكل جامعات فرنسا والهند والباكستان تدرّسه لطلابها ، فيما 45 % من أطباء بريطانيا يحوّلون مرضاهم الى عيادات (الهميوباثي )، وحسب احصاءات هيئة الغذاء والدواء الأميركية فإن مبيعات أدوية هذا الطب قد زادت بنسبة 1000 % ( ألف بالمئة ) في السنوات الأخيرة !

و (الهميوباثي ) يقوم على فكرة تلقيح الجسم المريض بعينة من المرض او سبب المرض الذي أصيب به ، ولكن بنسبة مخففة جدا ، وعلى طريقة العرب ( داوني بالتي كانت هي الداء) !

كما ينتشر الآن العلاج بالأوزون ، واستخدام حقن الجسم بهذه المادة التي ما تزال غريبة على أسماعنا، لتنظيفه وتنقيته ، أو غسله جيداً من الداخل، واكسابه حصانة ضد المرض !

هذا يحدث طبعاً بعد ان قطعنا أشواطاً طويلة في تلقي ( نحن كعرب لا نفعل سوى ان نتلقى ) افكارا أخرى عن العلاج باليوغا ، والعلاج بانواع الحمية المختلفة، والعلاج بالمكملات الغذائية، والى آخر ذلك من الأفكار الذكية التي توظف العلم وترهنه لصالح الاجتهاد الطبي !

فيما على الجانب الآخر من العالم ، يجلس دجّال في بيت سيئ التهوية ، يستقبل رجلا يشكو ارتفاع الكوليسترول، أو امرأة تأخر حملها، أو تأخر زواجها، أو حتى تأخر راتبها فيعالجهم كلهم بذات الطريقة : أن ترشق ماء مخلوطاً بالزعفران والكمّون على عتبة الباب الذي ستمرّ عليه حماتها في ذلك النهار لمدة ثلاثة أيام وثلث .. الخ الخ !